المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

632

المقصود لهذا المستدلّ إثبات حجّيّتها؛ لوجود مثل هذا العلم الإجماليّ في مطلق الأمارات، وهو ممّا لا يلتزم به هذا المستدلّ.

وأورد على ذلك السيّد الاُستاذ تبعاً للمحقّق الخراسانيّ(قدس سره) بانحلال العلم الإجماليّ الكبير بالعلم في دائرة الأخبار التي يقصد إثبات حجّيّتها. وتوضيح ذلك: أنّ لنا علوماً إجماليّة ثلاثة متداخلة الأطراف: أوّلها: العلم الإجماليّ بتكاليف إلزاميّة في ضمن كلّ الشبهات. والثاني: العلم الإجماليّ بتكاليف إلزاميّة في ضمن مفاد الأمارات الظنّيّة. والثالث: العلم الإجماليّ بالتكاليف الإلزاميّة في ضمن الأخبار المنظورة لهذا المستدلّ. والعلم الأوّل ينحلّ بالثاني، والثاني ينحلّ بالثالث، فإنّ أساس الانحلال ـ على ما ذكروه في محلّه ـ هو أن لا يكون المعلوم بالعلم الكبير أزيد من المعلوم بالعلم الصغير، وهذا الشرط متوفّر في المقام، ولهذا القانون لازم مساو، وهو: أنّنا لو أخرجنا مقدار المعلوم بالعلم الصغير، وضممنا الباقي إلى باقي أطراف العلم الكبير لم يكن العلم الإجماليّ ثابتاً. والأمر فيما نحن فيه كذلك، فوزان ما نحن فيه تماماً وزان ما إذا علمنا إجمالاً بإخبار معصوم ـ مثلاً ـ بوجود أوان خمسة متنجّسة ضمن خمسين إناء، وعلمنا أيضاً بإخباره بوجود أوان خمسة متنجّسة ضمن عشرين منها الموضوعة في طرف الشرق مثلاً، وهنا لا إشكال في أنّ العلم الأوّل ينحلّ بالثاني.

أقول: التحقيق في المقام: أنّ العلم الإجماليّ الأوّل وإن كان ينحلّ بالثاني، ولكن العلم الثاني لا ينحلّ بالثالث، وليسا كالعلمين بالآنية المتنجّسة الحاصلين بمثل إخبار المعصوم.

وتوضيح ذلك: أنّ العلم المتوسّط في الحقيقة تولّد من تركيب علمين صغيرين هما في عرض واحد، وإنكار أحدهما مستلزم لإنكار الآخر؛ لأنّهما بملاك واحد: أحدهما: العلم بصدق بعض الأخبار، وهذا ملاكه استبعاد تجمّعهم على الكذب