المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

629

ثُمّ إذا شككنا في خبر مّا أنّه خبر عن حسّ أو عن حدس، وكان المخبر به ممّا يقبل عادة إدراكه بالحسّ، فالظاهر أنّه لم يستشكل أحد ـ ولا ينبغي الإشكال ـ في البناء على الحسّيّة، وحجّيّة خبر الواحد.

والوجه في ذلك في نظر المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) هو بناء العقلاء على أصالة الحسّ لدى دوران الأمر بينه وبين الحدس.

وتحقيق الكلام في هذا المقام هو: أنّ بناء العقلاء على الحسّ قائم على أساس نكتة الكشف في نفس الخبر، توضيح ذلك: أنّه مضى أنّ البناء العقلائيّ لا يقوم على أساس أمر تعبّديّ صرف بأن يرجّحوا أحد طرفي الاحتمال المتساويين على الآخر تعبّداً، بل يقوم على أساس ثبوت الكاشف في المرتبة السابقة، ولمّا كان الغالب في الأخبار التي من شأنها إدراكها بالحسّ كونها بداعي الإخبار عن حسّ لا عن حدس تحقّق للخبر ظهور تصديقيّ سياقيّ في كونه بهذا الداعي، نظير أنّ غلبة كون مثل قوله: (زيد قائم) بداعي الإخبار عن ثبوت المحمول للموضوع أوجبت ظهوراً تصديقيّاً سياقيّاً للكلام في ذلك، فالمخبر حينما يخبر عن شيء من شأنه إدراكه حسّاً كموت زيد، يكون كأنّه قال مثلاً: (إنّي أدركت حسّاً أنّ زيداً


أمّا بناءً على كون التوقيع الشريف أيضاً كذلك ـ وهو قوله: «أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا» ـ فهذا التقريب لإبطال الاستدلال لا يأتي فيه كما هو واضح، فينحصر أمر إبطال الاستدلال به ببيان آخر مشترك بين الحديثين، وهو دعوى: أنّ رفض العقلاء لحجيّة الخبر الحدسيّ واستبعادهم لها يوجب عدم تماميّة الإطلاق في نظر العرف للدليل اللفظيّ الدالّ على الحجّيّة، فلا يكون الدليل اللفظيّ شاملاً للخبر الحدسيّ، ففرق بين أن نفترض أنّ العقلاء لم يجعلوه حجّة ولكن لا يستنكرون جعله حجّة من قِبَل المولى، وبين استنكارهم لذلك. فالثاني يوجب انصراف الإطلاق بلا إشكال.