المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

628

الحدسيّ لم يكن داخلاً تحت ابتلائهم بما هو خبر(1) وإن كان داخلاً تحت الابتلاء بما هو فتوى.

وأمّا السنّة: فقد مضى أنّ حجّيّة خبر الثقة تثبت من السنّة بحديث «العمريّ وابنه ثقتان» وحده، أو بضمّ أحاديث اُخرى إليه، ولو كان قد اقتصر في هذا الحديث على قوله: «فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان» أمكن القول بشموله للخبر الحدسيّ، بدعوى: أنّ الأداء عنه مطلق يشمل الأداء عن حسّ والأداء عن حدس، لكنّه معلّل بقوله: «فإنّهما الثقتان المأمونان»، وقد مضى أنّ ظاهر التعليل في مثل المقام هو التعليل بأمر عقلائيّ لا بأمر تعبّديّ صرف. ومن المعلوم أنّ الوثاقة في باب الإخبار إنّما تكون في نظر العقلاء في الخبر الحسّيّ؛ لكون الثقة بعيداً فيه عن الكذب؛ لوثاقته، وعن الخطأ؛ لحسّيّة الخبر. وأمّا الخبر الحدسيّ فتكثر الأخطاء فيه، ولا يعدّ مخبره ثقة فيما قاله بما هو خبر يحتاج عالم آخر إلى الأخذ به، وإن كان يعدّ ثقة في ذلك بما هو فتوى يحتاج إليها العامي، فيدلّ هذا الحديث على حجّيّة الفتوى للعامي، ولا يدلّ على حجّيّة الخبر الحدسيّ لفقيه آخر. أمّا حمل الحديث على فرض المخبر عن حدس ثقة في خبر بما هو خبر تعبّداً، فهو خلف ما قلناه: من أنّ ظاهر التعليل هو التعليل بأمر عقلائيّ لا بأمر تعبّديّ صِرف(2).

 


(1) لعلّ المقصود: إنّ الخبر الحدسيّ بما أنّ حجّيّته بما هو خبر مرفوضة في نظر العقلاء فلا يوجد حتّى التحيّر والشكّ لديهم حوله، فعدم كثرة السؤال والجواب ليس غريباً.

(2) هذا البيان لاُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في إبطال دلالة السنّة على حجّيّة خبر الثقة الحدسيّ مبتن على ما كان يعتقده وقتئذ: من أنّ الحديث الوحيد القطعيّ أو شبه القطعيّ من أحاديث حجّيّة خبر الثقة هو حديث «العمريّ وابنه ثقتان».