المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

627

 

الإخبار عن حدس:

الجهة السابعة: في أنّ أدلّة حجّيّة خبر الثقة هل تشمل الإخبار عن حدس، أو لا؟ والصحيح هو الثاني؛ إذ مضى أنّ الدليل الصحيح على حجّيّة خبر الواحد منحصر في السيرة والسنّة، وشيء من هذين الدليلين لا يشمل الخبر الحدسيّ:

أمّا السيرة: فلا يمكن إثبات حجّيّة الخبر الحدسيّ بها سواء قرّبناها بالتقريب المشهور، أو قرّبناها بالتقريب الذي اختصصنا به.

أمّا التقريب المشهور ـ وهو: أنّ العقلاء في كلّ زمان ومكان يعتمدون على خبر الثقة ويعملون به، ولم يردع الشارع عنه ـ: فاختصاصه بالإخبار عن حسّ واضح، فإنّ سيرة العقلاء على ذلك مرجعها إلى هذا الارتكاز العقلائيّ العامّ الذي نجده في أنفسنا، ولا نشكّ في أنّ هذا الارتكاز مختصّ بالخبر الحسّيّ. وأمّا الخبر الحدسيّ فالمرتكز هو عدم الاعتماد عليه بما هو خبر وإن كان المرتكز الاعتماد عليه للعامي بما هو فتوى من باب رجوع الجاهل إلى العالم، فنحن لسنا جازمين بشمول السيرة بهذا المعنى للخبر الحدسيّ ولا شاكّين في ذلك، بل جازمون بالخلاف.

وأمّا التقريب الذي اختصصنا به ـ وهو: أنّ أصحاب الأئمّة إمّا كانوا يعملون بما كان داخلاً تحت ابتلائهم من أخبار الثقات، أو لا: وعلى الثاني: إمّا أنّهم سألوا المعصوم(عليه السلام) عن حكمه وأجابهم الإمام بالنفي، أو لا، وعلى تقدير الإجابة بالنفي: إمّا أنّه وصلنا الجواب، أو لا. وجميع الشقوق الأخيرة باطل بالبيان الذي أسلفناه، فتعيّن الأوّل ـ: فأيضاً لا يثبت أكثر من حجّيّة الخبر الحسّيّ، فإنّ الذي كان داخلاً تحت ابتلائهم وكان عليه مدار الاستنباط كانت أخباراً حسّيّة، والخبر