المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

623

النجاشيّ، كان قوله حجّة، وإن اطمأننّا بخلاف ذلك ـ كما هو كذلك عادةً ـ(1)ورأينا أنّ شهادته إمّا ناشئة من عدم اطّلاعه على هذه الأخبار منه، أو غفلته عن هذه النكتة التي حتّى الآن لم تكن ملتفتاً إليها في علم الاُصول، أو تقديمه لذاك الحساب على هذا الحساب باجتهاد غير صحيح عندنا، سقط قوله عن الحجّيّة. وبهذا البيان الذي ذكرناه يسقط بعض المشهودين بوثاقتهم في علم الرجال عن الوثاقة.

 

الخبر الموثوق به بغير وثاقة الراوي:

الجهة السادسة: في أنّه هل يكون الخبر الموثوق به من غير ناحية وثاقة الراوي حجّة، أو لا ؟

وبما أنّ عنوان الموثوق به الوارد في كلامهم لدى الحكم بالحجّيّة فيه شيء من الغموض والإجمال نشقّق المطلب، فنقول: لو كان المراد بالوثوق الاطمئنان الشخصيّ فلا إشكال في حجّيّة الخبر الموثوق به لا بما هو خبر اطمئنانيّ، بل بنفس عنوان الاطمئنان، أي: أنّ الاطمئنان حجّة ولو نشأ من شيء آخر غير الخبر.

وإن كان المراد الاطمئنان النوعيّ فهذا العنوان الضخم مرجعه بحسب التدقيق الفنّيّ إلى كون أمارة مّا لو خلّيت وطبعها لأفادت الاطمئنان بحساب الاحتمالات، ولكن لمزاحمة أمارة اُخرى له أوجبت تغيير الحساب زال الاطمئنان ولم تفد إلّا الظنّ أو الشكّ، فمعنى إفادتها للاطمئنان النوعيّ أنّه لو لم يكن مبتلى بالمزاحم لأفاد الاطمئنان. وبهذا التحليل يسقط عنوان الاطمئنان


(1) لعلّ منشأ هذا الاطمئنان هو أنّ الشاهد لم يكن معاصراً للمشهود له ومعاشراً له، والمشهود له ليس من قبيل زرارة وأضرابه، إضافة إلى ما اُشير إليه في المتن: من أنّ هذه النكتة على ما يبدو كانت مغفولاً عنها حتّى الآن.