المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

62

وأجاب(قدس سره) عن ذلك بأنّه كيف يكون الحكم الظاهريّ في المقام موجباً للتصويب وزوال الواقع مع أنّ المفروض فيه ثبوت الواقع؟(1).

وذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في شرح هذا الكلام ما حاصله: أنّ العمل بالأمارة العمياء ليس ذا ملاك، وإنّما الملاك ثابت في العمل بأمارة كانت بصدد تعيين ما هو ثابت في الواقع من الحكم، فهذا الحكم الظاهريّ يكون مترتّباً على ذاك الحكم الواقعيّ(2)، فيستحيل أن ينافيه.

أقول: استحالة نفي الشيء لما يترتّب عليه صحيحة؛ إذ تأثيره في النفي إن كان قبل وجوده فهذا يعني تأثير المعدوم في عالم الوجود وهو مستحيل، وإن كان بعد وجوده ففرض وجوده يساوق فرض وجود ما هو مترتّب عليه، وهذا يعني أنّهما اجتمعا في الوجود ولم يكن منافياً له. ولكن هذا لا يفيدنا في المقام؛ إذ لو لم نثبت سابقاً عدم التنافي بينهما قلنا: إنّ ترتّب أحد المتنافيين على الآخر بنفسه مستحيل، وإن شئت فقل: إنّ هذا وإن لم يكن ينافي ذاك ولكن ذاك ينافي هذا.

ولعلّ مقصود الشيخ الأعظم(رحمه الله) كان شيئاً آخر لم نعرفه.

هذا. وكان ينبغي أن يفرض الشيخ الأعظم(رحمه الله) كون ملاك الواقع وملاك السلوك سنخين مطلوبين معاً متنافيين في مقام الاستيفاء. فإن لم يتصوّر في المقام ما مضى منّا: من القسم الثالث للتزاحم، وأنّ الأحكام الظاهريّة تكون في مقام حفظ الواقع،


(1) عبارة الرسائل في هذا الإشكال والجواب غير فنّيّة، وهذا التحديد للسؤال والجواب بهذا الوضوح جاء في عبارة أجود التقريرات.

(2) نظر المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في ترتّب الحكم الظاهريّ على الواقعيّ إمّا إلى أنّ الواجب هو العمل بأمارة تكون بصدد تعيين الحكم الواقعيّ، أو إلى أنّ ملاك السلوك يتدارك مصلحة الواقع الفائتة، أو إلى كليهما.