المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

619


الثقة المعارض للشهرة. إذن لم يبق في المقام عدا الإشكال الإثباتيّ، وهو ما يستظهر من الدليل: من أنّ الوثاقة اُخذت بما لها من الكشف وقد انتفى الكشف في المقام بسبب المعارضة للشهرة.

وبالإمكان الجواب على هذا الإشكال بأنّ المفهوم من أخذ الوثاقة وإن كان عرفاً هو أخذها بما لها من الكشف عند النصّ، ولكن يكفي في إشباع هذا الاتّجاه العرفيّ في فهم الكلام ما لها من الكشف النوعيّ الثابت حتّى عند المعارضة للشهرة، فإنّ الذي ينتفي بمعارضة الشهرة ـ مثلاً ـ إنّما هو الظنّ الشخصيّ، وكذلك الظنّ النوعيّ بلحاظ مجموع الأمارتين المتعارضتين، أو قل: الظنّ النوعيّ، بمعنى كون الخبر مفيداً للظنّ لغالب الناس، ولكنّه على أيّ حال لم ينتف الظنّ النوعيّ بلحاظ ذات خبر الثقة بمعنى كون خبر الثقة غالباً مفيداً للظنّ، أو كونه في ذاته غالب المطابقة للواقع، ولا موجب لانصراف الإطلاق عن ذلك إلّا دعوى مخالفته للسيرة والارتكاز العقلائيّين. والواقع: أنّه لو كان دليلنا على حجّيّة خبر الثقة منحصراً بالسيرة لما أمكن حلّ الإشكال الإثباتيّ؛ لعدم وضوح ثبوت سيرة على حجّيّة خبر الثقة المعارض بأمارة غير حجّة تساويه أو تفوقه في الكشف، وبالتالي تكسر الظنّ الذي كان المفروض أن يتولّد ببركة الخبر، ولكن ليس هناك ارتكاز لعدم الحجّيّة أيضاً كي يسقط به إطلاق الدليل اللفظيّ. وتوضيح ذلك: أنّنا لو تكلّمنا في السيرة العقلائيّة، فصحيح أنّ السيرة العقلائيّة إن فسّرت بمعنى عملهم في معاشهم بخبر الثقة كان من الواضح عدم شمولها لخبر ثقة انكسر الظنّ الناشئ منه بمعارضته لأمارة اُخرى غير حجّة، ولكن حينما نفسّر السيرة العقلائيّة بمعنى أنّهم بما هم موالي يجعلون الحجّيّة لخبر الثقة، أو بمعنى أنّ المولويّات المجعولة من قِبَل العرف والعقلاء مجعولة في دائرة الأحكام الواصلة بخبر الثقة، فالسيرة العقلائيّة والارتكاز العقلائيّ بهذا المعنى إن لم