المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

607

العدالة والفسق، فإن قلنا: إنّ هذا الحديث بنفسه يفيد القطع أو الاطمئنان، أخذنا بإطلاقه، وإن قلنا بالاحتياج إلى مجموع أحاديث الباب لحصول القطع أو الاطمئنان، وفيها ما لا يدلّ على أزيد من حجّيّة خبر العادل(1)، قلنا: ثبتت بمجموع تلك الأخبار حجّيّة حديث «العمريّ وابنه ثقتان»؛ لأنّ رواته جميعاً عدول، فهو قدر متيقّن ممّا استفدناه بالقطع من مجموع الأخبار: من الحجّيّة في الجملة، وعندئذ نتمسّك أيضاً بإطلاقه لإثبات حجّيّة خبر مطلق الثقة.

وأمّا السيرة: فتثبت بالنسبة لخبر الثقة غير العادل بنفس بيان ثبوتها في خبر العادل، وما مضى: من المؤيّدات جلاًّ أو كلاًّ يأتي هنا، وقد نقل الشيخ الطوسيّ(قدس سره)عن الفقهاء والأصحاب أنّهم يعملون جيلاً بعد جيل بأخبار الثقات المنحرفين، والفاسدي المذهب.

فقد تلخّص: أنّ دليل الحجّيّة شامل لخبر الثقة الفاسق.

نعم، يبقى الكلام فيما يعارض هذا الدليل، وهو آية النبأ، حيث أوجبت بمنطوقها


(1) وهو أكثر الروايات الماضية، فإنّنا إذا استثنينا الحديث الأوّل، والسادس، والسابع، والحادي عشر من الأحاديث التي ذكر اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) تماميّة دلالتها مع مرسلتي الاحتجاج اللتين ذكرناهما تحت الخطّ، فباقي الروايات التامّة دلالتها على حجّيّة خبر الواحد لا تدلّ على أكثر من حجّيّة خبر العدل، ولا يتخيّل أنّ التوقيع الشريف: «أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ...» دلّ على حجّيّة كلّ الروايات، فإنّ هذا الحديث لم يدلّ على حجّيّة خبر الرواة فحسب، بل أعطى مقاماً عامّاً للرواة تدخل فيه حجّيّة رواياتهم، ومنصب ولاية الفقيه مطلقاً أو في الجملة، ومنصب الفتوى والقضاء؛ إذ مقتضى الإطلاق الرجوع إليهم في كلّ هذه المقامات، ولا شكّ بحسب الارتكاز المتشرّعيّ في أنّ مقاماً من هذا القبيل تدخل تحته هذه المناصب لا يمكن أن يثبت للفاسق. إذن فالحديث منصرف إلى الإنسان العادل، وبالتالي حجّيّة الخبر المستفادة من هذا الحديث لا تكون لأكثر من خبر العادل.