المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

59

المتضادّان واردان على عنوانين متباينين، وقد حقّقنا في محلّه عدم استحالة اجتماع الأمر والنهي في مورد واحد إذا تعلّقاً بعنوانين متباينين في عالم العناوين. نعم، لو انحصر امتثالهما خارجاً في مورد واحد وقع التنافي بينهما بلحاظ التنجّز والامتثال. والمفروض فيما نحن فيه عدم تنجّز كليهما؛ إذ الحكم الواقعيّ قبل وصوله ليس منجّزاً(1)، وبعد وصوله يرتفع الحكم الظاهريّ، فلا منافاة بينهما بلحاظ التنجّز والامتثال أيضاً. أمّا إشكال نقض الغرض فحلّه: إنّ غرض الحكم الواقعيّ نقض لأجل الغرض الأهمّ الموجود في سلوك الأمارة، ولا محذور في نقض الغرض لأجل غرض أهمّ بل لابدّ منه.

 


وقد نقل الأخ السيّد علي أكبر ـ حفظه الله ـ من الدورة الأخيرة لدرس اُستاذنا (رضوان الله عليه) الإشكال على هذا التقريب، بأنّه إذا تمّ في مثل ما إذا كان الفعل حراماً في الواقع وقامت الأمارة على وجوبه فلا يتمّ في فرض ما إذا كان الحكم الواقعيّ هو الحرمة والظاهريّ هو الإباحة؛ لأنّ هذه الإباحة التي لها ملاك حقيقيّ إن كان متعلّقها نفس العنوان الذي تعلّق به الحكم الواقعيّ لزم وحدة العنوان، وإن كان متعلّقها هو ما يلازم ذلك العنوان من قبيل عنوان اتّباع الأمارة، فهي غير مؤمّنة عن الإقدام على العنوان الآخر الملازم له المحتمل فيه الحرمة.

إلّا أنّ الظاهر أنّ هذا الإشكال سواء كان بالصيغة التي ذكرناها أو بالصيغة التي نقلناها عن الأخ يمكن دفعه، وذلك بأن يقصد بكون المصلحة في سلوك الأمارة الترخيصيّة المصلحة في نفس أن يصحّ له العمل على طبقها، مثال ذلك: افتراض كون المصلحة في تقليد غير الأعلم الصالح لقيادة المجتمع في مقابل تقليد الأعلم غير الصالح للقيادة رغم أنّ تقليد الأعلم أحفظ للمصالح الواقعيّة في متعلّقات الأحكام.

(1) هذا إنّما يتمّ على مبنى القوم: من قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولا يتمّ على مبنانا، ولعلّه(رحمه الله) كان ناظراً في هذا الكلام إلى مبنى القوم.