المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

583


بقى الكلام في أمرين:

الأوّل: كيف تثبت وثاقة الراوي ؟ فهل هذا بحاجة إلى البيّنة؛ لعدم حجّيّة خبر الواحد في الموضوعات، أو أنّ خبر الواحد حتّى لو لم يكن حجّة في الموضوعات بشكل مطلق يكون حجّة في إثبات وثاقة الراوي ؟

والثاني: هل نقول بحجّيّة خبر الواحد في الموضوعات بشكل مطلق في غير ما ثبت بدليل خاصّ احتياجه إلى البيّنة أو لا ؟

كيف تثبت وثاقة الراوي ؟

أمّا الأمر الأوّل ـ وهو أنّه كيف تثبت وثاقة الراوي ؟ ـ: فلا إشكال في ثبوت وثاقته بالبيّنة بناءً على حجّيّة البيّنة بسيرة متشرّعيّة، أو بسيرة العقلاء غير المردوع عنها، أو بدعوى أنّ الروايات المتفرّقة في الأبواب المتشتّتة أورثت القطع بحجّيّة البيّنة. إنّما الكلام في ثبوت وثاقة الراوي بخبر الثقة الواحد. ويمكن إثبات ذلك بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: أن يقال بأنّ كلّ ما دلّ على حجّيّة خبر الثقة مع الواسطة فقد دلّ على حجّيّة وثاقة الراوي بخبر الثقة؛ وذلك لأنّ الوثاقة وإن كانت موضوعاً وليست حكماً شرعيّاً، ولكن حجّيّة خبر الثقة مع الواسطة أيضاً تستبطن حجّيّة خبر الثقة في الموضوعات؛ لأنّ خبر الوسيط موضوع للحجّيّة وهو لم يثبت إلّا بخبر الثقة الواحد. فهب أنّ دليل حجّيّة خبر الثقة لم يدلّ على حجّيّة الخبر في الموضوعات بشكل مطلق بحيث يشمل الموضوعات التي يترتّب عليها حكم جزئيّ، ولكن معنى شمول دليل الحجّيّة للإخبار بخبر الوسيط أنّ دليل الحجّيّة شمل الموضوع الذي يقع في طريق الوصول إلى الحكم الكلّيّ الفقهيّ لصدق عنوان معالم الدين عليه في حديث: (آخذ عنه معالم ديني)