المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

580

يفترض أنّ العلم أو الاطمئنان بحجّيّة خبر الثقة إنّما نشأ من مجموع هذه الرواياتالتي لم يشمل بعضها الخبر مع الواسطة، فإن فرضنا الأوّل فقد ثبت المقصود، وهو حجّيّة الأخبار مع الواسطة، وإن فرضنا الثاني فلابدّ من الاقتصار على أخصّ المداليل وهو حجّيّة خبر الثقة بلا واسطة، فلا تثبت حجّيّة خبر الثقة مع الواسطةإلّا بأن يقال: إنّنا نقطع بأنّه لو كان خبر الثقة بلا واسطة حجّة، ولو كان الراوي في أدنى درجات الوثاقة، فخبر الثقة بوسائط قليلة كلّهم في أعلى درجات الوثاقة حجّة أيضاً، فإنّ الكشف النوعيّ الثابت له يفوق بدرجات كثيرة على الكشف النوعيّ لخبر مَن هو في أدنى درجات الوثاقة بلا واسطة، فحديث «العمريّ وابنه ثقتان»(1) يصبح حجّة وإن كان مع الواسطة؛ لأنّه من هذا القبيل كما عرفت فيما مضى، وقد عرفت أنّه يدلّ على حجّيّة خبر الثقة مع الواسطة.

وقد تحصّل ممّا ذكرناه: أنّ الخبر مع الواسطة حاله حال الخبر بلا واسطة، والمقصود بذلك أنّ النقص الذاتيّ في الكشف الناشئ من وجود الواسطة لا يضرّ بالحجّيّة، أي: أنّنا لو لاحظنا كلّ رواية من روايات هذا الخبر مع الواسطة فرأينا أنّها لو خلّيت ونفسها كانت حجّة فهذا الخبر حجّة، ولا فرق في ذلك بين القول بأنّ العبرة بوثاقة الراوي، والقول بأنّ العبرة بموثوقيّة الرواية، فنقول على الثاني: إنّ الرواية مع الوسائط وإن فرض سقوطها بواسطة ما لها من الوسائط عن الموثوقيّة لكن لا يضرّ ذلك بحجّيّتها، فإنّ العبرة إنّما هي بأن تكون رواية كلّ واسطة من الوسائط في نفسها موثوقاً بها. وأمّا الضعف الناشئ في النتيجة لأجل الوسائط فيغضّ النظر عنه(2).

 


(1) أو التوقيع الشريف.

(2) والسبب في ذلك أنّ دليل حجّيّة خبر الثقة: إمّا أن يفترض شموله للإخبار عن