المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

58

فيه بانتفاء الحكم؛ للزوم تكليف العاجز. وإنّما قلنا: إنّ ظاهر الخطاب عرفاً كونه بداعي المحرّكيّة الفعليّة على تقدير الوصول، وهذا لا يتطلّب عدا اشتراط القدرة على تقدير الوصول، وهي ثابتة فيما نحن فيه؛ إذ على تقدير وصول الحكم الواقعيّ إليه يرتفع العلم بالحرمة، أو الحكم الظاهريّ بالحرمة، ويكون قادراً على امتثال الوجوب. وهكذا الكلام في مقدّمة الواجب التي تخيّل حرمتها(1).

المقام الثاني: في دفع الإشكال بناءً على السببيّة، أعني: سببيّة الأمارة لحدوث المصلحة.

والجواب على الإشكال في هذا الفرض منحصر في افتراض أنّ الأمارة ليست سبباً لحدوث الملاك في نفس مصبّ ملاك الواقع وهو ذات الفعل، كي يلزم التنافي بين المبدأين، وإنّما هي سبب لحدوث الملاك في عنوان آخر مباين لعنوان مصبّ الحكم الواقعيّ تمام التباين، أي: لا توجد بينهما في عالم العناوين أيّ جهة اشتراك إطلاقاً، وإن اتّحدا بحسب الخارج، وذلك عبارة عن عنوان الانقياد للأمارة(2) وسلوكها وموافقتها، وبهذا يرتفع محذور اجتماع الضدّين؛ إذ الحكمان


(1) وإن شئت قلت: إنّ اشتراط القدرة إمّا هو على أساس لغويّة تكليف العاجز، أو على أساس قبحه، أو على أساس استحالته. أمّا اللغويّة فترجع إلى الإشكال الأوّل الذي مضى جوابه. وأمّا القبح ـ لو سلّم ـ فهو عبارة عن قبح تحريك من هو عاجز عن الحركة. كما أنّ الاستحالة عبارة عن استحالة تحريك العاجز، وقد عرفت أنّ الخطاب إنّما يدلّ على داعي التحريك الفعليّ على تقدير الوصول.

(2) قد يقال: إنّ هذا التقريب إنّما يتصوّر فيما إذا كان الحكم الظاهريّ إلزاماً، فيحمل على إرادة الإلزام بسلوك الأمارة، أمّا إذا كان ترخيصاً فهو لا محالة ترخيص في مخالفة الواقع، ولا معنى للسلوك هنا. إذن فهذا الجواب ناقص.