المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

577

ولكن هذا البيان تامّ فيما نحن فيه من دون أن يرد عليه هذا الإشكال، فإنّ الأمر دائر بين الوجوب والحرمة، فإنّ الخبر مع الواسطة لو كان حجّة فالعمل به واجب، وإلّا فالعمل به غير جائز، والفترة التي يفرض حصول الانقلاب فيها يسيرة، فإنّ المفروض أنّهم في زمان الأئمّة ـ أي: إلى أواخر المئة الثانية وأوائل المئة الثالثة ـ كانوا يتركون العمل بالخبر مع الواسطة، بينما الكلينيّ الذي هو قريب من زمان الأئمّة وولد في زمان الإمام، وعاصر النوّاب، ومات بعد الغيبة الصغرى بقليل يذكر في أوّل كتابه: أنّي أجمع هذه الروايات لكي تكون مداراً لاستنباط الأحكام الشرعيّة. وجاء بعده الصدوق فذكر في مقدّمة كتابه مثل ذلك، فكيف يفترض انقلاب السيرة في فترة قصيرة كهذه، وبحيث يذكر الشيخ الطوسيّ الذي جاء بعد هذه الفترة في كتاب العدّة ناظراً إلى هذه الفترة وفترة زمان الحضور ضمن الزمان الطويل الذي ينظر إليه: إنّ الأصحاب إلى يومنا هذا عصراً بعد عصر مطبقون على العمل بهذه الأخبار.

ومنها: أنّه لو كان الخبر مع الواسطة غير حجّة لكان يجعل هذا إشكالاً من قِبَل الأئمّة وأصحابهم على العامّة الذين قام أساس مذهبهم على الأخبار المرويّة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، بينما لم يشكل أحد عليهم بأنّ الأخبار التي تعملون بها هي أخبار مع الواسطة، وإنّما كان الإشكال عليهم أنّه يجب عليهم الرجوع إلى الأئمّة في هذه الأخبار لمعرفة الناسخ والمنسوخ، والمخصّص، ونحو ذلك مضافاً إلى الإشكال في أمانة ووثاقة رواة تلك الروايات.

وأمّا السنّة: فالأخبار الدالّة على حجّيّة خبر الثقة على ثلاثة أقسام:

الأوّل: ما لا يدلّ إلّا على حجّيّة الخبر بلا واسطة كقوله: «ما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفيّ، فإنّه سمع من أبي، وكان عنده مرضيّاً». فقوله: «سمع من أبي»