المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

565

وثانياً: أنّنا لو فرضنا أنّ السيرة العقلائيّة على العمل بخبر الثقة انتهت بالفعل إلى العمل بخبر الثقة في الشرعيّات خلافاً لظهور الآيات في الردع، فهذا لا ينافي دعوى السيرة في جانب الظهور، وكأنّ الاشتباه نشأ من التعبير بالسيرة على العمل بالظهور، بينما المقصود بالسيرة في جانب حجّيّة ظهور كلام الشارع ليس هو العمل بالفعل بظهور كلام الشارع، فقد يعصي العقلاء الظواهر والنصوص معاً، وإنّما المقصود هو بناء العقلاء على كشف المراد بالظهور، ولا تنافي بين كشفهم لمراد كلام المولى تعالى بظهوره في الردع عن العمل بخبر الثقة، وفرض عملهم فعلاً بخبر الثقة، بأن يكون هذا عصياناً للمولى سبحانه.

 

تقديم جانب الردع:

الاتّجاه الثاني: تقديم جانب الردع. وقد ذكر لذلك وجوه ثلاثة، أو أزيد لا يهمّنا التعرّض إلّا لما هو أهمّها، وهو وجهان:

الوجه الأوّل:(1) أنّ مخصّصيّة السيرة وإن كانت دائريّة لكن رادعيّة الآيات ليست دائريّة، وذلك على عكس ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله): من دائريّة الردع دون التخصيص. والوجه في عدم دائريّة الردع أنّ رادعيّة الآيات لا تتوقّف على عدم التخصيص بالسيرة، وإنّما يكفي فيها عدم العلم بالتخصيص، فإنّ العموم حجّة ما لم يعلم بتخصيصه.

ويرد عليه: أنّ التفكيك بين التخصيص والعلم به إنّما يتمّ في المخصّص اللفظيّ، فيفرض أنّ هناك مخصّصاً يكون حجّة من قبل الشارع بالحجّيّة التعبّديّة في عالم


(1) وهذا ما ذكره الشيخ المشكينيّ(رحمه الله) في تعليقته على الكفاية. راجع الجزء الثاني من الكفاية التي عليها تعليقة المشكينيّ، ص 101.