المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

561

لنفس السيرة أمارة شرعيّة على الإمضاء ما لم نحرز الردع كي يثبت بذلك الإمضاء تعبّداً. وإن كان المقصود هو الثاني، قلنا: إنّه وإن كان من الممكن دعوى أنّ المولى ليس له أزيد من حقّ الطاعة وفق أخبار الثقات ما لم يصلنا الردع، ولكن مفاد السيرة عندئذ ليس إلّا عبارة عن هذه القضيّة التعليقيّة، وهي: أنّه لو لم يصلنا الردع لكان خبر الثقة حجّة ذاتيّة، ولا معنى لتخصيص الآية بالقضيّة التعليقيّة، ولابدّ من تخصيصها بما يدلّ على الحجّيّة الفعليّة، وهذه السيرة إنّما تدلّ على الحجّيّة التعليقيّة، والمعلّق عليه ـ وهو عدم وصول الردع ـ منتف بنفس الآية؛ لما مضى من تماميّة حجّيّة الآية ورادعيّتها بقطع النظر عن السيرة.

وثالثاً: أنّنا لو سلّمنا أنّ مخصّصيّة السيرة موقوفة على عدم وصول الردع، لكن هذا لا يدفع المحذور العقليّ، بل يكون محذور الدور أو ما يشبهه ثابتاً على حاله. وتوضيح ذلك: أنّ عدم وصول الردع لا منشأ له عدا أحد اُمور ثلاثة:

1 ـ عدم الظهور. والمفروض خلافه.

2 ـ عدم تسليم كبرى حجّيّة الظهور. والمتسالم عليه بيننا خلافه.

3 ـ ثبوت مخصّصيّة السيرة، أو الشكّ في مخصّصيّتها من ناحية تزاحم مخصّصيّة السيرة ورادعيّة الآيات ودائريّتها والتساقط. وأنت ترى أنّ إثبات مخصّصيّة السيرة بالشكّ في الردع الناشئ من هذا السبب غير معقول(1).

 


(1) لعلّ مقصوده(رحمه الله) أنّه لو فرض نشوء الشكّ في الردع من مخصّصيّة السيرة لزم الدور، ولو فرض نشوؤه من تساقطهما، ففرض حجّيّة السيرة خلف فرض سقوطها، أو يقال: إنّ الشكّ في الردع إن نشأ من مخصّصيّة السيرة فهذا دور، وإن نشأ من احتمالها والتردّد فيها فانتهاء ذلك إلى العلم بالتخصيص خلف فرض التخصيص.

أقول: بإمكان المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) أن يقول: إنّ عدم وصول الردع أو قل: احتمال