المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

558

وإن قلنا بالثاني، وهو: أنّ حجّيّة الظهور مشروطة بعدم ثبوت كذبه حتّى في فرض عدم الحجّيّة، فظهور الآيات ساقط عن الحجّيّة في المقام، فإنّ ظهور الآيات على تقدير عدم حجّيّته وتخصيصها بالسيرة مقطوع الكذب، ولم تكن حجّيّة الظهور ورادعيّة الآيات متوقّفة على عدم حجّيّة ومخصّصيّة السيرة كي يلزم الدور المدّعى في المقام، وإنّما كانت متوقّفة على عدم ثبوت الكذب حتّى في فرض عدم حجّيّة الظهور، وعدم ثبوت الكذب هذا ليس متوقّفاً بدوره على عدم حجّيّة ومخصّصيّة السيرة كي يعود الدور؛ إذ حتّى مع فرض عدم حجّيّة ومخصّصيّة السيرة يكون عدم ثبوت الكذب بهذا النحو منتفياً؛ للقطع بالقضيّة الشرطيّة، وهي: أنّه لو كانت السيرة مخصّصة وظهور الآية غير حجّة فالظهور كاذب. وعليه فظهور الآية حتماً ساقط في المقام لعدم توفّر شرط حجّيّته، كما أنّه تحصّل فيما سبق سقوط حجّيّة السيرة، فلا الآيات رادعة، ولا السيرة مخصّصة، بل يتساقط كلاهما، والنتيجة توافق من يقصد إسقاط السيرة في المقام(1).

بقي هنا بيان ما هو الحقّ في المقام، أي: أنّه هل يكفي في حجّيّة الظهور عدم ثبوت الكذب على تقدير الحجّيّة، أو يشترط في حجّيّته عدم ثبوت الكذب حتّى على تقدير عدم الحجّيّة، فنقول: إنّه بحسب عالم الثبوت يكفي في إمكان جعل


(1) لا يخفى أنّنا لو بنينا على عدم صلاحيّة الآيات للردع في ذاتها فقد أصبحت السيرة حجّة، أمّا ما تحصّل فيما سبق فإنّما هو سقوط حجّيّة السيرة باعتبار أنّ الآيات صالحة في ذاتها وبقطع النظر عن حجّيّة السيرة للردع، فإن بنينا هنا على عكس ذلك، وأنّ الآيات غير صالحة للردع، وأنّ عدم صلاحها هذا لم ينشأ من حجّيّة السيرة، بل نشأ من علمنا بالقضيّة الشرطيّة، وهي: أنّه (لو كانت السيرة حجّة فظهور الآية كاذب) فلا مبرّر لسقوط السيرة عن الحجّيّة، والمفروض أنّ الظهور غير الحجّة لا يردع عن السيرة.