المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

557

وأمّا في جانب الرادعيّة: فتوضيح ذلك: أنّ توقّف عدم حجّيّة السيرة (وهي روح مخصّصيّتها) على رادعيّة الآيات وإن كان صحيحاً، لكن رادعيّة الآيات ليست موقوفة على عدم حجّيّة السيرة ومخصّصيّتها. بيانه: أنّ روح رادعيّة الآيات وجوهرها عبارة عن حجّيّة ظهورها في النهي عن العمل بخبر الثقة(1)، وهذه الحجّيّة إنّما تتوقّف على ثبوت أصل الظهور وعدم ثبوت كذبه، ولا تتوقّف على شيء آخر، كما هو الحال في كلّ ظهور من قبل المولى، فإنّه يكفي في حجّيّته مضافاً إلى أصل تحقّق الموضوع والظهور عدم ثبوت كذبه.

ويقع الكلام في أنّ عدم ثبوت الكذب المشروط به حجّيّة الظهور عبارة عن عدم ثبوت الكذب على تقدير الحجّيّة، أو أنّ هذا لا يكفي بل يشترط عدم ثبوت الكذب حتّى بقطع النظر عن الحجّيّة؟

فإن قلنا بالأوّل، فهذا متحقّق في المقام. وليس المقصود من عدم ثبوت الكذب على تقدير الحجّيّة عدم الثبوت الفعليّ الناشئ من الحجّيّة (كي يلزم الدور لتوقّف الحجّيّة عليه، وتوقّفه على الحجّيّة)، بل المقصود منه قضيّة شرطيّة، وهي: أنّه لو كان هذا الظهور حجّة لما كنّا نعلم بكذبه، وهذه القضيّة الشرطيّة صادقة في المقام؛ إذ لا شكّ في أنّ ظهور الآيات على تقدير حجّيّته وعدم تخصيصها بالسيرة لا يعلم بكذبه، ولا يتوقّف صدق القضيّة الشرطيّة على صدق طرفيها. وعلى هذا فظهور الآيات يصبح حجّة ورادعاً عن السيرة من دون أن يكون ذلك متوقّفاً على عدم حجّيّة السيرة، فلا دور في المقام.


(1) بعد تسليم أنّ الرادع هو الظهور الحجّة، أمّا لو فرض أنّ الظهور ولو لم يكن حجّة كاف في الردع فعدم الدور هنا واضح كما كان واضحاً ـ بناءً عليه ـ في جانب التخصيص أيضاً.