المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

554

لتوقّفها على عدم التخصيص وبالعكس، لكان عدم الرادعيّة الذي هو نقيض الرادعيّة أيضاً مستحيلاً. والبرهان على ذلك: أنّ نقيض العلّة علّة لنقيض المعلول، فإذا كان ـ مثلاً ـ عدم التخصيص علّة للرادعيّة وبالعكس، فلا محالة يكون التخصيص علّة لعدم الرادعيّة وبالعكس، فكلا النقيضين يلزم منه الدور، والمفروض أنّ وجود ما هو دائريّ في عالم التوقّف مستحيل مثلاً، إذن فالرادعيّة مستحيلة؛ لتوقّفها على عدم التخصيص وبالعكس، وعدم الرادعيّة مستحيل؛ لتوقّفه على التخصيص وبالعكس، فلزم ارتفاع النقيضين. وكذلك الحال في طرف التخصيص، فلئن كان التخصيص مستحيلاً لتوقّفه على عدم الرادعيّة وبالعكس، لكان عدم التخصيص أيضاً مستحيلاً؛ لأنّ نقيض العلّة علّة للنقيض، فعدم التخصيص متوقّف على الرادعيّة وبالعكس.

ولو قدّمنا الاحتراز عن مشكلة ارتفاع النقيضين على مشكلة استحالة وجود ما هو دائريّ في عالم التوقّف والتزمنا بإمكان وجوده، فقلنا بوجود أحد النقيضين في المقام، اتّجه القول بأنّ نسبة الدور إلى كلّ واحد منهما على حدّ سواء، فلابدّ من وجود كليهما؛ لأنّ وجود أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح، فلزم عندئذ اجتماع النقيضين.

والواقع: أنّ منشأ هذه المشكلة في المقام هو تخيّلهم أنّ المستحيل هو تحقّق الرادعيّة بحسب الخارج مثلاً؛ لكونها متوقّفة على ما يتوقّف عليها، فكأنّ أصل دائريّة التوقّف ليس مستحيلاً، وإنّما المستحيل هو وجود ما دار التوقّف بالنسبة إليه وتحقّقه في الخارج، مع أنّ الأمر ليس كذلك، فإنّ أصل التوقّف الدائريّ مستحيل، فلا يعقل أن يكون (أ) متوقّفاً على (ب)، و(ب) متوقّفاً على (أ) لا أنّ بالإمكان حصول التوقّفين، فإذا حصلا لم يوجد (أ) ولا (ب) في الخارج.

وعليه فلابدّ من تحقيق حال سلسلة التوقّفات حتّى يظهر عدم دائريّة السلسلة