المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

551

على تلك الآيات؛ لأنّ جعل الحجّيّة يكون بجعل العلم، فيخرج ذلك عن موضوع الظنّوعدم العلم المنهيّ عن العمل به. وهذا في الحقيقة اقتناص من الجواب العامّ له(قدس سره)عن معارضة تلك الآيات بمطلق أدلّة حجّيّة خبر الثقة، حيث تمسّك في حلّ التعارض بدعوى الحكومة ببيان جعل العلم في دليل الحجّيّة، والسيرة فرد من أفراد تلك الأدلّة، ويأتي فيها عين ذاك الجواب.

والتحقيق: أنّ هذا الكلام لا يتمّ في أصل حلّ المعارضة بين تلك الآيات والأدلّة، وعلى فرض تماميّته في ذلك لا يتمّ في خصوص ما نحن فيه من السيرة العقلائيّة:

أمّا الأوّل: فلأنّنا بعد أن سلّمنا أنّ الحجّيّة إنّما تكون بجعل العلم والطريقيّة، وتقمّصنا كلّ تصوّرات المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في باب الحكومة وبيان الحاكم والمحكوم نقول: إنّه كما أنّ دليل حجّيّة الظنّ يجعل الظنّ علماً كذلك الآيات لو فرض ردعها عن الظنّ تنفي كونه علماً، فهما دليلان واردان في عرض واحد على شيء واحد متخالفان في النفي والإثبات، ولا معنى لحكومة أحدهما على الآخر. فهذا في الحقيقة خلط بين الدليل الوارد في علميّة الظنّ نفياً وإثباتاً، والدليل الوارد في آثار العلم كدليل حرمة الإفتاء بغير علم، فإنّه يمكن دعوى حكومة دليل الحجّيّة على مثل دليل حرمة الإفتاء بغير علم، بدعوى: أنّ دليل الحجّيّة يجعل الظنّ علماً، والعلم موضوع لذاك الدليل، فيحكم عليه، ولا يمكن دعوى حكومته على دليل نفي علميّة الظنّ، فإنّه لم يؤخذ في موضوعه قيد عدم كونه علماً؛ إذ لا يمكن أخذ عدم العلميّة في موضوع الحكم بعدم العلميّة بأن يكون الحكم مأخوذاً في موضوع نفسه.

وأمّا الثاني: فلأنّنا نقول: هل المقصود دعوى حكومة إمضاء الشارع للسيرة على تلك الآيات، أو المقصود دعوى حكومة نفس السيرة العقلائيّة عليها؟

فإن اُريد الأوّل، فلابدّ من إحراز الإمضاء في المرتبة السابقة على الحكومة، كي