المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

55

بالخطاب بقدر مقدّميّته، أي: أنّه يشترط في كون الحكم على تقدير الوصول واجب الامتثال كونه بنحو يوجب تعلّق الداعي المقدّميّ بالتحريك بالخطاب لو كانت للخطاب مقدّميّة، وهذا المقدار ثابت حتّى مع وجود الحكم الظاهريّ على خلاف الحكم الواقعيّ، فإنّ الخطاب على تقدير مقدّميّته للتحريك يكون التحريك به مطلوباً بنحو المقدّميّة، غاية الأمر أنّه ساقط عن المقدّميّة بالفعل.

ولو سلّمنا لزوم وجود داعي التحريك بالفعل ولو نفسيّاً فلابدّ من الاكتفاء بمطلق التحريك الثابت مع وجود الحكم الظاهريّ لا خصوص التحريك بدرجة اللزوم، وإلّا سرى الإشكال إلى موارد قبح العقاب بلا بيان أيضاً(1).

بقي هنا أمران:

الأمر الأوّل: أ نّ ما ذكرناه تامّ في فرض انسداد باب العلم، أي: عدم تمكّن المكلّف من تحصيل العلم بالحكم الواقعيّ، أمّا في مورد جعل المولى الحكم


(1) قد تكرّر الاستشهاد في الجواب الإجماليّ والتفصيليّ بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولكن الظاهر أنّ هذا الاستشهاد في غير محلّه؛ إذ بإمكان الخصم أن يدّعي أنّ الحكم، أو الخطاب، أو ما يجب امتثاله ليس مقيّداً بداعي البعث الفعليّ كي ينقض بمورد قاعدة قبح العقاب بلا بيان، أو بمورد قطع العبد خطأ بعدم الحكم، وليس مقيّداً بداعي البعث الفعليّ على تقدير الوصول كي يتمّ الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ عند عدم تماميّة الوصول، بل هو مقيّد بداعي البعث الفعليّ على تقدير عدم وجود المعذّر العقليّ.

فالمهمّ في المقام في جانب الحكم والخطاب دعوى أنّ المفهوم من كلمة الحكم عرفاً، أو المفهوم من صيغة الخطاب عرفاً إنّما هو داعي البعث الفعليّ على تقدير الوصول، وفي جانب ما يجب امتثاله عقلاً أنّه إنّما يكون مقيّداً عقلاً بداعي البعث بمقدار سدّ باب العدم من ناحية عدم الخطاب لا أكثر من ذلك من دون الاستشهاد على ذلك كلّه بمورد البراءة العقليّة، اللّهمّ إلّا إذا كان المقصود مجرّد التنبيه على الوجدان العرفيّ أو العقليّ.