المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

548

والشقّ الثاني يعني: عدم قيام سيرة أصحاب الأئمّة على حجّيّة خبر الثقة. وهذا باطل، فإنّ عدم السيرة على العمل بخبر الثقة إن كان جرياً على الطبع العقلائيّ من قبيل عدم العمل بالاستخارة والتفاؤل، لم يكن من المستغرب عدم تكثّر السؤال والجواب عنه بالنفي بحيث يصل إلينا بشكل واضح؛ وذلك لأنّ ترك العمل بخبر الثقة كان ـ بحسب الفرض ـ أمراً طبيعيّاً ومجبولاً عليه العقلاء، ولم يكن شيئاً يوجب إلفات النظر، ولم يكن هناك أصل شرعيّ يقتضي الحجّيّة كي يوجب ذلك التفات الدقيقين من أصحاب الأئمّة، وتوجيههم السؤال إلى الإمام، بل الأصل هو عدم الحجّيّة. ولكنّنا قد فرغنا في الأمر الثاني عن أنّ العمل بخبر الثقة ليس عند العقلاء كالعمل بالتفاؤل والاستخارة، فطبع العقلاء يقتضي أو يميل أو لا يمتنع من حجّيّة خبر الثقة، والأصل وإن كان هو عدم الحجّيّة ولكن هذا الطبع يوجب على الأقلّ كثرة السؤال والجواب إن لم تتمّ السيرة على الحجّيّة، وليست المسألة قليلة الابتلاء يبتلي بها واحد من الأصحاب مثلاً، بل هي مسألة عامّة الابتلاء يحتاج إليها جميع الأصحاب والشيعة في الأقطار، ولا يتمكّنون دائماً من تحصيل الاطمئنان بالحكم والوصول إلى خدمة الإمام(عليه السلام) وأخذ الحكم منه، خصوصاً في الأجيال التي جاءت بعد الإمام الصادق(عليه السلام)، فإنّ من بعده من الأئمّة لم يتمكّنوا من نشر الأحكام والروايات بمقدار ما تمكّن الإمام الصادق(عليه السلام)من ذلك، وكانت الشيعة محرومين عن هذا الفيض العظيم، ومجموع ما يُروى عنهم جميعاً لا يساوي نصف ما يُروى عن الصادق(عليه السلام)وحده. وعلى هذا فلا محالة يكثر السؤال عن هذا الحكم والجواب بنحو يناسب شدّة الاهتمام بهذا المطلب الهامّ، وتتوسّع دائرة الانتشار بسؤال رواة اُخرى عن الراوي الأوّل، فإنّ هذا أهمّ بكثير من مسألة الأخبار العلاجيّة، وتعارض الروايتين، وكثير من القواعد الاُصوليّة كالبراءة ونحوها التي نقلت عنهم(عليهم السلام)والجواب لا محالة يكون بالنفي؛ إذ لو كان بالإثبات