المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

547

أخبارهم كثرة كاثره من الأخبار، وهؤلاء الرواة رواة شائعون وليسوا منعزلين، ولهم روايات كثيرة، فإنّ الكذّابين لهم روايات كثيرة فضلاً عمّن تكون مرتبته مرتبة الظنّ بصدقة مثلاً، والأصحاب ينقلون عن المتّهمين بالكذب، والغلوّ، والانحراف، ونحو ذلك رواياتهم فضلاً عن مظنوني الصدق.

وقد تحصّل بهذا القطع والاطمئنان ـ على الأقلّ ـ بأنّ عدداً كبيراً من الروايات المتداولة بين أصحاب الأئمّة(عليهم السلام) كانت مظنونة الصدق ولم تكن اطمئنانيّة.

الأمر الثاني: أنّه لا شكّ في أنّ العمل بخبر الثقة ليس في نظر العقلاء كالعمل بمثل الاستخارة والتفاؤل ـ مثلاً ـ ممّا يكون على خلاف الطبع العقلائيّ، ولا اُريد أن أدّعي الآن اقتضاء السيرة العقلائيّة للعمل بخبر الثقة وحجّيّته، بل اُريد أن أكتفي بدعوى الجامع بين اُمور ثلاثة:

1 ـ اقتضاء طبعهم للبناء على الحجّيّة.

2 ـ الميل إليها.

3 ـ التحيّر والبلبلة في ذلك، وعدم رفضهم لها كرفض حجّيّة التفاؤل والاستخارة.

الأمر الثالث: أنّه بعد ما عرفت في الأمر الأوّل من أنّ عدداً كبيراً من الروايات المتداولة بين أصحاب الأئمّة كانت مظنونة الصدق لا قطعيّة أو اطمئنانيّة نقول: إنّه لا يخلو الأمر من أنّ هؤلاء الأصحاب الأخيار كانوا يعملون بهذه الأخبار، ويرتّبون عليها آثار الحجّيّة، ويعتمدون على خبر الثقة الذي لا يورث القطع والاطمئنان، أو لا:

والشقّ الأوّل يعني: أنّه قد تمّت سيرتهم على العمل بخبر الثقة، وهي إمّا كانت في طول تلقّي الحكم بالحجّيّة عن الشارع، فهي عبارة عن سيرة المتشرّعة التي هي معلولة لحكم الشارع، أو كانت جرياً على مقتضى الطبع ولو من باب الغفلة، فهي سيرة العقلاء، وعدم الردع عنها دليل الإمضاء. وعلى كلا الفرضين يثبت المقصود.