المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

545

النجاشيّ وشيخ الطائفة وغيرهم من السابقين عليهم والمتأخّرين عنهم كثيراً مّا يصرّحون باتّهام كثير من الرواة بأنّه كذّاب، وضّاع، منحرف، مشكوك فيه، حديثه يعرف وينكر، لا يؤمن في الحديث، يتحرّج عن النقل عنه، ونحو ذلك من العبائر التي توجد في كلماتهم بالنسبة لعدد كبير من الرواة المعاصرين للأئمّة(عليهم السلام)، ومعنى هذا أنّ الرواة أيّام الأئمّة(عليهم السلام) لم يكن حالهم كما يتخيّل: من أنّ مجرّد كون الشخص راوية للإمام يعني أنّه أصبح إنساناً متديّناً كاملاً، كما قد يتخيّله العامّة في الصحابة: من أنّ مجرّد كون الشخص صحابيّاً يوجب الوثوق به، فالأمر في أصحاب أئمّتنا كالأمر في أصحاب جدّهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوجد فيهم مَن هو بمنزلة أبي ذرّ وسلمان ومَن يتلوهما، ويوجد فيهم اُناس مشاغبون منحرفون، ومحبّو الشهرة والجاه، كما يشير إليه نفس الإمام(عليه السلام) في كثير من رواياته معرّضاً تارةً، ومصرّحاً اُخرى، وملفتاً للنظر على وجه الإجمال والإلغاز ثالثة، والقرائن التأريخيّة ـ أيضاً ـ تدلّ على ذلك، فوجود العداوات والتناقضات ما بين أصحاب الأئمّة شاهد على ذلك، فبعض أصحاب الأئمّة كان يلعن البعض، وبعضهم كان يروي روايات في لعن البعض، والأشخاص الذين لا يشكّ في ورعهم وعدالتهم كما لا يشكّ في الشمس تنقل روايات من قبل نفس أصحاب الأئمّة في لعنهم وسبّهم والتبرّء منهم، وهذا ممّا يدلّ على ما أشرنا إليه: من استكشاف اتّجاهات متعدّدة في أصحاب الأئمّة(عليهم السلام)، فهناك اتّجاه فيهم هو الاتّجاه الذي يحمل لواء الإسلام، والذي قال عنه الصادق(عليه السلام): لولا فلان وفلان لانطمست معالم الشريعة وضاع الإسلام، وهذا الاتّجاه كان يتمثّل في زرارة، ومحمّد بن مسلم وأمثالهما، وقد أورثوا هذا الاتّجاه لمن بعدهم جيلاً بعد جيل من العلماء الصالحين والرواة المجتهدين الغيورين على الدين وعلى الأئمّة(عليهم السلام) حتّى وصل إلى أمثال الشيخ المفيد، والسيّد المرتضى، وشيخ الطائفة، وبعد ذلك تسلسل في علمائنا. وكان