المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

54

الثالث: أن يقال: إنّ داعي البعث والتحريك داخل فيما يحكم العقل بوجوب امتثاله، أي: إنّ ما يجب امتثاله عقلاً ويكون ـ على حدّ تعبيرنا ـ داخلاً في دائرة حقّ المولويّة إنّما هو الحكم المبرز بالخطاب الذي يكون بداعي البعث والتحريك، وهذا بحث ثبوتيّ، وتضمّ إلى هذه الدعوى دعوى قيام الإجماع على اشتراك كلّ ما هو دخيل في وجوب الامتثال وحقّ المولويّة على تقدير الوصول بين العالم والجاهل، فلا يصحّ ـ مثلاً ـ ما ذكره المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) في مقام الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ: من تخصيص القدر المشترك بين العالم والجاهل بمجرّد الإنشاء والاعتبار؛ إذ لا يجب امتثال مجرّد الإنشاء ولو على تقدير الوصول. وممّا يكون دخيلاً في وجوب الامتثال وحقّ المولويّة هو كون الخطاب والإبراز بداعي البعث والتحريك، فلو لم يكن بهذا الداعي لم يجب امتثاله. إذن داعي البعث والتحريك مشترك بين العالم والجاهل، وهذا لا يجتمع مع الحكم الظاهريّ المرخّص في الخلاف.

والجواب: بعد وضوح أنّ افتراض تعلّق غرض المولى بذات البعث والتحريك نفسيّاً ليس دخيلاً في حكم العقل بوجوب الامتثال، وإنّما الذي يؤثّر في حكم العقل بوجوب الامتثال هو تعلّق الغرض المقدّميّ بالبعث والتحريك بأن يكون داعي البعث والتحريك بنحو المقدّميّة، ويكون الغرض الأصليّ متعلّقاً بالمحرّك إليه، والحاصل: أنّ غرض المولى المتعلّق بفعل من الأفعال لا يشترط عقلاً في وجوب امتثاله تعلّق غرض نفسيّ للمولى بالبعث والتحريك، وإنّما الشرط العقليّ في وجوب امتثاله هو أن يكون بدرجة تحرّك المولى نحو الخطاب بداعي البعث، فأغراض المولى التي ليست بدرجة تحرّك المولى نحو الخطاب بداعي البعث لا يحكم العقل بوجوب تحرّك العبد نحو إنجازها، أقول بعد وضوح هذا:

إنّ الدخيل في حكم العقل بوجوب الامتثال هو تعلّق داعي البعث المقدّميّ