المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

528

فلو وجد احتمال عقليّ للكذب في أحدهما فهو يزول بالاعتضاد بالآخر، وكمايكون هذا هو الحال بالنسبة إلى احتمال تعمّد الكذب، كذلك يضعف احتمال الخطأ جدّاً في المقام بعد فرض أنّهما معاً نقلا هذه الرواية، فلو فرض أنّهما نقلا في مجلسين فكيف يفرض أنّهما يخطآن بخطأ واحد، أي: يتطابقان في الخطأ الذي يصدر منهما؟ وإن فرض أنّهما نقلا الحديث في مجلس واحد للكلينيّ فكيف أخطأ أحدهما، ولم ينبّهه الآخر، وأخطأ هو أيضاً كخطئه؟

ثمّ إنّ أحد هذين الشخصين وهو محمّد بن عبدالله ابن الشخص الثالث الذي يرويان عنه، وكذب الابن على أبيه في نفسه مستبعد في غير ما يرجع إلى كماله، كما نحن فيه، فإنّ هذه القضيّة إنّما ترجع إلى كمال العمريّ لا إلى كمال عبد الله الحميريّ، فكيف يحتمل أنّ هذا الابن اتّفق مع شخص من الأجلّة على أن يكذبا على أبيه.

فإلى هنا لا يوجد احتمال الكذب، ويكون احتمال الخطأ في غاية الوهن جدّاً.

وهذان الثقتان نقلا عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، وهو شخص مشهود بوثاقته وضبطه من قِبَل علماء الرجال دون غمز ولا لمز، وهو بصريح كلام النجاشيّ شيخ أصحابنا في قم، أي: في بلدة كانت هي أرقى وأوعى وأزكى مدرسة لأهل البيت(عليهم السلام)وقتئذ، وأصحابنا في قم هم اُولئك الذين كانوا يدقّقون في كلّ مسألة من المسائل، وكان الثقات منهم نوعاً يتحرّزون من الرواية عن الضعيف، فكيف يتصوّر أنّ شيخهم لا يكون في المرتبة العالية من الورع والتقوى والعدالة، على أنّ هذا الشخص ممّن راسله الإمام صاحب الزمان(عليه السلام)، وكتب إليه وخرجت التوقيعات باسمه، وهذا ـ على ما يظهر من الشيخ الطوسيّ في كتاب الغيبة(1) ـ من أجلّ الاُمور التي كان


(1) الموجود في كتاب الغيبة ما يلي:

«وقد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قِبَل