المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

527

قِبَل الشيخ الطوسيّ والنجاشيّ، ولم يعلّق عليه بغمز ولا بقدح حتّى من قبل القادحين بوجه من الوجوه، وعبّر عنه في كلمات النجاشيّ وغيره بأنّه شيخ أصحابنا في عصره. ومثل هذا الشخص لا يحتمل فيه تعمّد الكذب، ولو فرض مثل هذا الاحتمال فهو سفسطة بمقتضى حساب الاحتمالات. وكيف يحتمل الكذب في من هو شيخ أصحاب الشيعة بشهادة مثل النجاشيّ وغيره في زمان كان أصحاب الشيعة كلّهم أو كثير منهم من المتّقين والمؤمنين العدول، وكان مستوى التديّن في ذاك الزمان أكثر بكثير من مستواه في زماننا وما قبله، ومتديّن هذا الزمان لعلّه لم يكن يعتبر متديّناً في ذاك الزمان بهذا المعنى. إذن ففي عصر يوجد فيه اُولئك الأبرار الذين يواجهون الأئمّة ويمدحون من قِبَل الأئمّة بمثل هذا المدح الموجود في هذا الحديث إذا وصل شخص إلى مرتبة يعبّر عنه بشيخ أصحابنا، فلا إشكال في أنّه في أعلى مراتب العدالة والورع والتقوى بحيث لا يحتمل فيه تعمّد الكذب عادةً.

وثانيهما: محمّد بن عبدالله الحميريّ، وهو من الثقات الكبار الأجلّة، ومشهود بوثاقته من قِبَل النجاشيّ وغيره من أصحابنا دون أيّ غمز أو لمز من قِبَل شخص من الغامزين واللامزين، والذي كانت له مراسلات مع الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه، وخرج إليه توقيع في أيّام الغيبة، والذي يظهر(1) من الشيخ الطوسيّ أنّ التوقيع من قِبَل الإمام كان تمييزاً مهمّاً للثقات في ذلك العصر، ولم يكن يصدر لأيّ إنسان، ولم يكن حال مثل هذه التوقيعات حال السؤال والجواب في عصر الأئمّة السابقين، وكانت لا ترد إلّا إلى الأوحديّ من الشيعة الذي تناط به الآمال، ويعقد عليه الرجاء في مسائل الحلال والحرام. وما ظنّك بخبر ينقله مثل محمّد بن يحيى العطّار، ويعاضده نقل مثل محمّد بن عبدالله الحميريّ في عرضه،


(1) سيأتي النقاش في هذا الكلام.