المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

526

الطوسيّ قال: «ما ألّف شخص كتاباً في الإسلام أضبط وأثبت من كتاب الكافي الذي ألّفه محمّد بن يعقوب الكلينيّ»(1)، وغير ذلك من أقوال الكبار من العلماء بشأنه، وأنّ كتابه ورواياته هي أساس استنباط الفقهاء الذين جاؤوا بعده، ومحور الفقه والاستنباط، وأنّه لم يذكره أحد من العصابة إلّا بالمدح، ولم يقدح فيه أحد بوجه من الوجوه، وأجمعت العصابة على كونه ثقة، وغير ذلك من الاُمور، عرف أنّه لا يحتمل في كلامه تعمّد الكذب ولو احتمالاً عقليّاً. وأمّا الخطأ فالكلينيّ ليس معصوماً، ولكن احتمال الخطأ بالنسبة له عندنا أضعف من احتمال خطأ أنفسنا في قضايانا الاعتياديّة بعد الاطّلاع على مقدار تثبّته وضبطه للحديث، ومقدار ما كان يصرف من جهد في جمع الروايات وتدقيقها، وما ينسب إليه من أحواله ممّا يتعلّق بهذا المطلب. ومن هنا يحصل للإنسان الاطمئنان القويّ جدّاً بعدم خطئه في ذلك إلى حدّ يكون احتمال الخطأ كالمعدوم في المقام، خصوصاً أنّه سمع الحديث من شخصين: محمّد بن عبدالله، ومحمّد بن يحيى، وهو يبعّد احتمال الخطأ على الخصوص لو فرض ذلك في مجلسين. والخلاصة: أنّ الكلينيّ كأنّه ملغى عن الوسطيّة وسماعه سماعنا.

والكلينيّ ـ كما عرفت ـ يروي هذه الرواية عن شخصين في عرض واحد:

أحدهما: محمّد بن يحيى العطّار، وهو ثقة جليل ممدوح مشهود له بالوثاقة من


(1) لم أرَ ذلك للشيخ الطوسيّ(رحمه الله)، وقد نقل المحدّث النوريّ في المستدرك جزء 3 في الفائدة الرابعة من الخاتمة، عن الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق: أنّه قال بشأن الكافي: «وهو أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة»، وعن المحقّق الكركي أنّه قال: «لم يعمل مثله»، وعن الشهيد أنّه قال: «لم يعمل للإماميّة مثله»، وعن المولى محمّد أمين الإستراباديّ في فوائده المدنيّة أنّه قال: «وقد سمعنا عن مشايخنا وعلمائنا أنّه لم يصنَّف كتاب يوازيه أو يدانيه».