المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

524

الواقع، وهو في الحقيقة إطاعة الواقع، ولا فرق في ذلك بين الرواية والفتوى، وليس المقصود إنكار شمول هذا الحديث للحكم، فإنّه بإطلاقه شامل له، وإنّما المقصود أنّه ناظر إلى غير الحكم أيضاً يقيناً، وكيف يمكن حمل مثل قوله: «مَن اُعامل؟ وعمّن آخذ؟ وقول مَن أقبل؟» على خصوص الحكم؟

وكذلك قوله: «ما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك عنّي فعنّي يقول» شاهد لما ذكرناه.

ثمّ الوثاقة والأمانة في كلّ شيء بحسبه، فالوثاقة في الرواية والأمانة فيها هو كونه صادق اللهجة، وفي الفتوى هي كونه عارفاً خبيراً بالأدلّة وكيفيّة الاستنباط والاستظهار وبلحن الكتاب والسنّة، وفي اُصول الدين معرفته بها، وفي الحكم معرفته بمواقع الحكم، وهكذا. وهذا الحديث دلّ على كون العمريّ ثقة ومأموناً بقول مطلق، ويرجع إليه في جميع الاُمور، كالفتوى، والحكم، والرواية، وتفسير القرآن، واُصول الدين. وظاهره لا محالة هو الانحلال، ففي حجّيّة الرواية لا تشترط الوثاقة في كلّ شيء، بل الشرط في كلّ شيء الوثاقة بالقياس إلى ذلك الشيء، فقد دلّ هذا الحديث على حجّيّة خبر مطلق الثقة.

الثانية: قوله: «العمريّ وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان». وهذه الفقرة أظهر من الفقرة الاُولى في المقصود، ولو فرض إجمال في الفقرة الاُولى ـ ولا إجمال فيها ـ فلا يسري إجمالها إلى هذه الفقرة، فإنّها كلام مستقلّ صدر عن إمام آخر في مجلس آخر، ولا علاقة له بالمجلس الأوّل، واللام في قوله: «فإنّهما الثقتان المأمونان» يدلّ ـ كما عرفت ـ على الكمال الإثباتيّ لا الثبوتيّ، فلا يضرّ بالمقصود، خصوصاً مع مسبوقيّته بقوله: «العمريّ وابنه ثقتان» المفرّع عليه قوله: «فما أدّيا عنّي فعنّي يؤدّيان» الظاهر في أنّ ملاك هذا التفريع هو مطلق الوثاقة،