المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

521

 

الأخبار التامّة دلالة:

والآن نبدأ ببحث الأخبار الدالّة على المقصود، أعني: حجّيّة خبر الثقة، وهي معدودة جدّاً، وتكون من ناحية الكمّيّة قاصرة عن التواتر. نعم، لو أخبرنا الراوي بلا واسطة عن الإمام(عليه السلام) فلعلّه كان يحصل لنا القطع بأخبار أربعة، أو خمسة مثلاً، لكن هذه الأخبار التي هي حوالي خمسة عشر حديثاً(1) تكون أخباراً مع الواسطة، ولو فرض خمسة عشر حديثاً كلّ منها يكون بأربع وسائط فهي تتنزّل بحسب التدقيق في حساب الاحتمالات إلى حوالي قيمة ثلاثة أخبار بلا واسطة. ولكن النقص الكمّيّ الموجود في أخبار الباب يجبر بالكمال الكيفيّ الثابت فيها، ويحصل للإنسان من مجموعها الجزم، أو الاطمئنان ـ على الأقلّ ـ بحجّيّة خبر الثقة.

فمن الروايات الدالّة على المقصود: ما هو عمدة أحاديث الباب في تحصيل الجزم والاطمئنان، وهو ما رواه الكلينيّ(رحمه الله)في الكافي عن محمّد بن عبدالله، ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، قال: «اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو(رحمه الله)عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن


(1) مقصوده(رحمه الله)من حوالي خمسة عشر غير الأخبار التي نقلوها مرسلة، من قبيل ما نقله الشيخ(رحمه الله) في العدّة مرسلاً عن الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما ورد عنّا فانظروا فيما رووه عن عليّ فاعملوا به» ـ الوسائل، ج 18، الباب 8 من صفات القاضي، ح 47، ص 64 ـ فإنّه لا يبعد ظهوره في الحجّيّة؛ لأنّه عدّى فيه الورود بعن لا بمن. وقد قلت له(رحمه الله) بعد أن أكمل قراءته لروايات الباب الدالّة على المقصود: إنّ الروايات التي اعترفتم بتماميّة دلالتها لا تبلغ حوالي خمسة عشر حديثاً. فقال: أظنّ أنّ واحداً منها أو قال: بعضها روي بطريقين.