المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

520

كثرين منهم جدّاً، وهذا هو السرّ في أنّه لو أخبرنا عدد متواتر بخبر معيّن حصل لنا القطع بأنّ كلّهم أو جلّهم صادقون(1).

وإن شئت حساب المطلب فيما نحن فيه بنحو ساذج فنقول: إنّ كلّ واحد من هذه الأخبار يحتمل ـ مثلاً ـ بمقدار نصف اليقين صدقه. وعلى تقدير صدقه يحتمل بمقدار نصف اليقين كون المراد به الحجّيّة، فكلّ واحد منها أمارة بمقدار ربع اليقين على الحجّيّة وبتجمّعها يتقوّى الظنّ بالحجّيّة إلى أن يحصل القطع، أو الاطمئنان بالحجّيّة.

وما ذكرناه باب لطيف لإثبات حجّيّة المجملات في بعض الأحيان، واستفادة الحكم منها بالرغم من إجمالها.

إلّا أنّ الصحيح أنّ هذه الكبرى لا تنطبق على ما نحن فيه؛ لأنّ الغالب في روايات الباب التي لا تتمّ دلالتها على الحجّيّة أنّ عدم تماميّة الدلالة ليس من باب الإجمال، بل هي ظاهرة في كون المقصود بها اُموراً اُخرى غير الحجّيّة، كالثناء على المحدّثين، وجواز النقل بالمعنى، وغير ذلك.


(1) لا يخفى أنّ لحصول القطع في التواتر بصدق كلّهم أو جلّهم سبباً آخر غير السبب الذي أشار إليه الاُستاذ الشهيد(رحمه الله)، ولذا ترى أنّ هذا القطع موجود في أقلّ درجات التواتر مع أنّ السبب الذي أشار إليه الاُستاذ الشهيد(رحمه الله) لا يتمّ في أقلّ درجات التواتر، فمثلاً: لو فرضنا أنّ أقلّ درجات التواتر هو خمسون فهذا يعني أنّ احتمال كذب تسعة وأربعين غير مرفوض، ومن الواضح أنّ احتمال كذب تسعة وأربعين من أصل خمسين ليس بأضعف من احتمال كذب تسعة وأربعين من أصل تسعة وأربعين. أمّا السبب في أنّنا نقطع في أقلّ درجات التواتر بصدق الكلّ أو الجلّ فهو أنّه بعد أن ثبت بالتواتر صدق أصل الحادثة كان صدق أصل الحادثة مقوّياً لاحتمالات صدق المخبرين في مقابل احتمالات كذبهم؛ لأنّ توافق الكذب صدفة للواقع بحدّ ذاته بعيد.