المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

52

داعي المحرّكيّة بالمقدار الذي يترتّب عليه من المحرّكيّة دون المقدار المترتّب على غيره من المقدّمات؛ إذ صدور أيّ فعل من العاقل المختار إنّما يدلّ عقلاً على وجود داعي أثره في نفس الفاعل دون داعي أثر آخر، وهذا يعني أنّ الخطاب إنّما دلّ عقلاً على داعي سدّ باب عدم التحريك من قبله، وهذا المقدار ثابت حتّى مع وجود الحكم الظاهريّ كما هو واضح.

وأمّا الدلالة العرفيّة: فالتحقيق أنّ الخطاب إنّما يدلّ عرفاً على كونه بداعي المحرّكيّة الفعليّة على تقدير الوصول، ولهذا يختصّ بالقادر؛ إذ لا تعقل المحرّكيّة الفعليّة بشأن غير القادر على تقدير الوصول، ولذا ترى أنّه لا يصحّ أن يقال: (صلّ سواء قدرت أو لا)(1). وأمّا دلالته عرفاً على أزيد من ذلك فممنوعة، وهذا المقدار


(1) إن قلت: كذلك لا يصحّ أن يقال: (صلّ سواء قامت الحجّة على عدم وجوب الصلاة أو لا)، فلئن دلّ عدم صحّة قولنا: (صلِّ سواء قدرت أو لا) على عدم إمكان اتّجاه الحكم إلى العاجز، كذلك يدلّ عدم صحّة قولنا: (صلِّ سواء قامت الحجّة على عدم وجوب الصلاة أو لا) على عدم إمكان ثبوت الحكم الواقعيّ عند تحقّق الحكم الظاهريّ على نفيه.

قلت: ما نحسّه عرفاً من عدم صحّة القول: (صلِّ سواء قامت الحجّة على عدم وجوب الصلاة أو لا) إنّما هو من قبيل ما نحسّه عرفاً: من عدم صحّة القول: (صلِّ سواء جرت البراءة العقليّة لنفي التنجيز أو لا)، أو (صلِّ سواء قطعت بعدم وجوبها أو لا)، أو (صلِّ سواء أتيت بالصلاة أو لا). وكلّ هذا ليس من قبيل: (صلِّ سواء قدرت أو لا)، وإنّما السرّ في عدم مقبوليّة التصريح بالتسوية في هذه الأمثلة: إنّ التصريح بالتسوية بين فرضين في الحكم يفيد عرفاً عدم التعرّض لحال طرف التسوية من حيث الوجود والعدم، أي: عدم اقتضاء الخطاب لهما وجوداً أو عدماً، بينما يكون من الواضح أنّ (صلّ) يقتضي وجود