المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

519

واحد منها، ولو فرضنا أنّ أقلّ التواتر الإجماليّ هو خمسون مثلاً، فهذا لا يعني أنّنا لا نقطع في ضمن المئة والخمسين إلّا بصدق ثلاثة، بل يحصل القطع بصدق مئة وواحد منها مثلاً الذي هو فوق حدّ التواتر؛ وذلك لأنّ فرض كون الخمسين أقلّ حدّ التواتر يعني أنّ أكبر عدد يحتمل اجتماعهم على الكذب هو تسعة وأربعون، إذن فلو أخبر مئة وخمسون بشيء علمنا بصدق مئة وواحد منهم.

وقد يقال في مواجهة هذا البيان: إنّ استبعاد كذب خمسين من أصل خمسين من المخبرين أكبر من استبعاد كذب خمسين من أصل مئة وخمسين من المخبرين؛ لأنّ احتمال كذب خمسين من أصل خمسين من المخبرين لا يمتلك إلّا صورة واحدة من كثير من الصور، بينما احتمال كذب خمسين من أصل مئة وخمسين من المخبرين يمتلك صوراً كثيرة نسبتها إلى مجموعة الصور المحتملة ضمن فرضيّة مئة وخمسين مخبراً أكبر من نسبة صورة كذب خمسين إلى مجموعة الصور المحتملة ضمن فرضيّة خمسين مخبراً. والخلاصة: أنّ نسبة صور كذب مئة وسبعة وأربعين من أصل مئة وخمسين إلى مجموع الصور تساوي نسبة صور كذب تسعة وأربعين من أصل خمسين إلى مجموع الصور. فكما أنّنا لا نقطع في ضمن الخمسين إلّا بصدق واحد منهم كذلك لا نقطع في ضمن المئة وخمسين إلّا بصدق ثلاثة منهم(1).

والتحقيق في المقام: أنّه توجد في مقابل الحساب الذي عرفته نكتة اُخرى لا يصحّ إغفالها، وهي: أنّه كلّما كان التقارب والاشتراك بين تلك الأخبار أزيد كان احتمال تكاثر الكذب بتكاثر الأخبار أضعف، ففيما نحن فيه يحصل القطع بصدق


(1) نعم، بناءً على مذهب القوم من تفسير التواتر باستحالة اجتماع تسعة وأربعين ـ مثلاً ـ على الكذب تكون النتيجة أنّنا نقطع في المئة وخمسين بصدق مئة وواحد منهم.