المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

507

الطائفة الثانية: ما اُخذ فيها عنوان الورود عنهم، من قبيل ما ورد عن الحسن بن الجهم قال: «قلت للعبد الصالح(عليه السلام): هل يسعنا فيما ورد علينا منكم إلّا التسليم لكم، فقال: لا والله لا يسعكم إلّا التسليم لنا ...»(1)، ونحوه غيره من الأخبار، فإنّ الحديث المشكوك صدقه يكون وروده منهم مشكوكاً، ففرق بين عنوان الورود منهم، وعنوان الورود عنهم، فالثاني لا يبعد صدقه بمجرّد النقل عنهم ولو لم يعلم كونه منهم حقيقة، بخلاف الأوّل، ولو وجد حديث بهذا المضمون اختلف النسّاخ في نقل متنه، هل هو بكلمة (من) أو بكلمة (عن)، كفى ذلك في الإجمال، وعدم صحّة الاستدلال به.

والحاصل: أنّ ظاهر هذا الحديث أنّه لا يجوز إعمال الرأي والاستحسان في قبالهم(عليهم السلام)، كما كان ذلك دأب علماء الضلال وقتئذ، بل يجب التسليم لهم فيما يصدر منهم، فلا يدلّ على التعبّد بعدم الكذب عند احتمال الكذب.

نعم، مقتضى العادة أنّ ما ينقل عنهم ويقطع بعدم كذب النقل يكون احتمال وقوع الخطأ فيه موجوداً غالباً، ويصدق عرفاً على مثل ذلك عنوان الورود منهم، فيدلّ هذا الحديث بالملازمة العرفيّة على التعبّد بإلغاء احتمال الخطأ(2).

الطائفة الثالثة: ما حثّ على تحمّل الحديث، من قبيل:

1 ـ ما ورد عن جابر عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سارعوا في طلب العلم. فوالذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال وحرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا وما


(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 31، ص 85، وذيل الحديث يبيّن الترجيح بمخالفة العامّة، وهو خارج عن هذه الطائفة، وداخل في الطائفة الخامسة عشرة.

(2) لعلّ المقصود بالملازمة العرفيّة في المقام: أنّ التلازم العرفيّ بين النقل عنهم واحتمال الخطأ أوجب إطلاق عنوان الورود منهم في المقام لذلك.