المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

500

هذا تمام ما ينبغي أن يذكر في المقام: من الآيات التي استدلّ بها على حجّيّة خبر الواحد.

وقد ظهر بهذا العرض أنّه لا يوجد في القرآن الكريم في حدود فهمنا ما يدلّ على حجّيّة خبر الواحد.

 


وإنّما يناسب التصديق بمعناه الأخلاقيّ، ولعلّ هذا هو مقصود الشيخ الأعظم(رحمه الله)، بل إنّ لسان إبراز الرحمة والعطف لا علاقة له بالحجّيّة التعبّديّة.

والثانية: تكرار كلمة يؤمن، والاختلاف في حرف التعدية، حيث عدّاها إلى اسم الجلالة بالباء، وإلى المؤمنين باللام، فالتكرار، وكذا الاختلاف في حرف التعدية قرينة على اختلاف معنى الإيمان في الموردين.

ويرد عليه: أنّ هذا التكرار والاختلاف إنّما هو لأجل أنّ المقصود من الإيمان بالله هو الإيمان بذاته، والمقصود من الإيمان للمؤمنين هو تصديق كلامهم.

وممّا يؤيّد كون المقصود بالإيمان هو التصديق الأخلاقيّ ما قيل عن مورد نزول الآية: من أنّ الله تعالى أخبر نبيّه(صلى الله عليه وآله)بنميمة عبدالله بن نفيل على النبيّ، فعاتبه الرسول(صلى الله عليه وآله)، فحلف أنّه لم يفعل، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): قد قبلت منك. فاتّهم النبيّ(صلى الله عليه وآله)بأنّه اُذن.

وللشيخ الأعظم(رحمه الله) جواب آخر عن الاستدلال بالآية، وهو: أنّ الاُذن يعني سريع التصديق والاعتقاد بالصدق، لا القبول التعبّديّ.

ولعلّ مقصوده(رحمه الله) بهذا: أنّ الله تعالى مدح نبيّه(صلى الله عليه وآله) بتقمّصه ظاهراً قميص مَن هو سريع الاعتقاد، ويكفي في ذلك التصديق الأخلاقيّ، ولا علاقة للحجّيّة التعبّديّة بذلك، فهذا يرجع بروحه إلى قرينة اُخرى على كون المراد بالإيمان التصديق الأخلاقيّ. أمّا لو أردنا أن نأخذ بظاهر كلام الشيخ كي يصلح وجهاً مستقلاًّ للجواب في مقابل الحمل على التصديق الأخلاقيّ فهو واضح البطلان؛ إذ لا يعقل أن يكون النبيّ(صلى الله عليه وآله) سريع التصديق والاعتقاد بما يسمعه، ولا يعقل مدح الله تعالى إيّاه بذلك.