المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

499


وجه الاستدلال: أنّ الله تعالى مدح نبيّه(صلى الله عليه وآله) بإيمانه للمؤمنين، وهو بمعنى قبوله لنقلهم وتصديقه لهم، ولا مورد للمدح لولا الحجّيّة.

وقد أجاب السيّد الخوئيّ على الاستدلال بهذه الآية ـ بحسب ما جاء في مصباح الاُصول ـ بأنّه لا ملازمة بين تصديق المخبر والعمل بإخباره وترتيب الأثر عليه؛ إذ قد يراد من تصديقه عدم المبادرة إلى تكذيبه، وعدم نسبة الكذب إليه بالمواجهة، وهذا أمر أخلاقيّ دلّ عليه بعض الروايات ...

أقول: قد يعترض على هذا الكلام بأنّ الإيمان ظاهر في التصديق الحقيقيّ لا التصديق الأخلاقيّ، وللتخلّص من ذلك لابدّ من سلوك أحد طريقين: الأوّل: أن يدّعى أنّ التصديق الحقيقيّ غير محتمل في المقام، وإنّما المدّعى للمستدلّ هو التصديق التعبّديّ، ولم يعلم كونه أظهر من التصديق الأخلاقيّ. والثاني: إبراز القرينة من الآية على كون المقصود هو التصديق الأخلاقيّ، وهذا ما فعله الشيخ الأنصاريّ(رحمه الله)، فقد أبرز الشيخ الأنصاريّ(رحمه الله)قرينتين من الآية على ذلك:

إحداهما: قوله: ﴿أُذُنُ خَيْر لَّكُمْ﴾؛ إذ لو كان المقصود بذلك التصديق بمعنى ترتيب الآثار لما كان اُذن خير للجميع؛ إذ لو أخبره أحد بزنا أحد، أو شربه، أو قذفه، أو ارتداده، فقتله النبيّ(صلى الله عليه وآله)، أو جلده لم يكن في سماعه ذلك الخبر خير للمخبَر عنه، بل كان محض الشرّ له خصوصاً مع عدم صدور الفعل منه في الواقع. انتهى ما أوردنا نقله عن الشيخ(رحمه الله).

وقد يقول قائل: إنّ قوله: ﴿أُذُنُ خَيْر لَّكُمْ﴾ إنّما يدلّ على كونه اُذن خير للذينيسمعهم لا على كونه اُذن خير للجميع.

ولكن الواقع أنّ لسان الآية الظاهر في إبراز رحمة النبيّ وعطفه وحنانه لا يناسب فرض تصديق المخبر بالشكل الذي يوجب إنزال الغضب والعذاب على المخبَر عنه،