المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

498

تفسيره بالعلم لم يكن على أساس المعنى اللغويّ، وإنّما كان على أساس التوجيه بأنّ الذكر من التذكّر المستلزم للعلم، فاستعمل في العلم.

ورابعاً: أنّ المحتملات في قوله في ذيل الآية: ﴿إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون﴾عديدة:

الأوّل: أن يكون المقصود به مجرّد التعليق من قبيل: إن استطعت فحجّ، وعليه يتمّ الاستدلال بالآية بغضّ النظر عن باقي الإشكالات.

والثاني: أن يكون المقصود به ذكر أمد الحكم، أي: فاسألوا أهل الذكر إلى أن تعلموا، نظير قولك: إن لم تكن مجتهداً فادرس، أي: ادرس إلى أن تصبح مجتهداً. وعليه لا تدلّ الآية على المقصود كما هو واضح.

والثالث: أن يكون المقصود بيان غرض الحكم، وعندئذ تارةً يفسّر ذلك بالمعنى المصدريّ، أي: فاسألوا أهل الذكر لكي تعلموا، فلا تدلّ أيضاً على المقصود، واُخرى يفسّر ذلك بمعنى اسم المصدر، أي: فاسألوا لكي تكونوا عالمين، وعندئذ يمكن دعوى ظهور ذلك في أنّ مجرّد سماع الجواب يجعلكم عالمين ولو تعبّداً. وعليه تدلّ على المقصود.

وتعدّد الاحتمالات بعد أن لم يكن ما يساعد منها على المقصود أظهر من الباقي يكفي في سقوط الاستدلال بها.

وخامساً: ما عرفته في آيتي الكتمان والنفر من أنّ المحتمل الإيجاب مطلقاً حتّى مع عدم حصول العلم تحفّظاً على فروض حصول العلم؛ لأنّه قد يخطأ العبد ويتخيّل أنّ المورد ليس مورد حصول العلم، ولا توجد علامة تُعطى له لدفع هذا الخطأ والاشتباه(1).

 


(1) الآية الخامسة: آية الاُذن، وهي قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْر لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ سورة التوبة، الآية: 61.