المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

495

الشكّ في كونه إظهاراً للحقّ ومطابقاً للواقع لم يحرز موضوع القبول. والجواب على ذلك ما مضى منّا في آية النفر: من أنّ وجوب قبول الخبر المطابق للواقع عند الشكّ في مطابقته يكشف عن حجّيّة مطلق الخبر؛ لعدم معقوليّته بدونها.

 

4 ـ آية السؤال:

الآية الرابعة: آية السؤال، وهي قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون﴾(1).

وتقريب الاستدلال: أنّ الآية دلّت على وجوب السؤال مطلقاً، أي: وإن لم يستلزم الجواب العلم، وذلك دليل على وجوب القبول مطلقاً، وإلّا للغى إطلاق وجوب السؤال.

واُورد عليه بأنّ المقصود من أهل الذكر أهل العلم، وهذا يعني رجوع العامي للعالم، أي: يدلّ على حجّيّة فتوى المجتهد للعامي دون خبر الراوي.

واُجيب على ذلك: بأنّ عنوان أهل العلم والخبرة يختلف بالنسبة للأشخاص، فالمجتهد يكون من أهل العلم والخبرة بالنسبة للعامي الذي يرجع إليه في الفتاوى التي يجهلها، وراوي كلام الإمام يكون من أهل العلم والخبرة بالنسبة للمجتهدالمحتاج إلى كلام الإمام، والإمام يكون بالنسبة للاُمّة من أهل العلم والذكر،


(1) وردت هذه الآية المباركة في موردين: أحدهما: سورة النحل، قال تعالى ـ في الآية: 43 و44 ـ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إلّاَ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَ لُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون﴾. والثاني: سورة الأنبياء، قال الله تعالى ـ في الآية 7 و8 ـ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إلّاَ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَ لُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِين﴾.