المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

491

وأمّا بناءً على مبنانا: من أنّ روح الحكم الظاهريّ ـ بأيّ لسان بيّن من الألسنة: من جعل الحجّيّة، أو العلم، أو الحكم التكليفيّ بالأخذ، أو غير ذلك ـ إنّما هو في الإلزاميّات عبارة عن إبراز شدّة اهتمام المولى بغرضه الواقعيّ، وعدم رضاه بفواته في ظرف الشكّ، وفي الترخيصيّات عبارة عن إبراز رضاه بفواته في ظرف الشكّ، وعدم تلك الشدّة من الاهتمام، فلا بأس بجعل موضوع الحكم الظاهريّ الإنذار المطابق للواقع بأن يقول: (إنّي أهتمّ بالواقع عند الإنذار المطابق له بحيث لا أرضى بفواته في ظرف الشكّ في المطابقة إن كان في الواقع مطابقاً)، وعندئذ يكون مجرّد احتمال المطابقة للواقع موجباً لتنجّز الواقع على العبد على التفصيل الذي مضى في محلّه.

والحاصل: أنّه مهما فرض المحمول في الحكم الظاهريّ هو الاهتمام بالواقع فلا محالة يجب أن يكون موضوعه فرض المطابقة للواقع. نعم، مهما فرض المحمول فيه نفس هذه القضيّة الشرطيّة ـ أي: أنّه (لو كان الواقع ثابتاً لا أرضى بفواته) ـ فموضوعه يجب أن يكون أعمّ من المطابق وغيره، ولهذا دائماً يكون موضوع عنوان الحجّيّة أعمّ؛ لأنّه منتزع من هذه القضيّة الشرطيّة.

والثاني: كلام بنائيّ، وهو: أنّه بعد فرض البناء على كون المقصود بالإنذار في الآية هو خصوص الإنذار المطابق للواقع، وتسليم استحالة كون الإنذار المطابق للواقع موضوعاً للحكم الظاهريّ نقول: لو تمّت ـ بغضّ النظر عن إشكال الشيخ(رحمه الله) ـ دلالة الآية على ثبوت الحجّيّة في مورد الإنذار المطابق للواقع عند الشكّ لا ينبغي أن يجعل عدم معقوليّة حجّيّة خصوص ذلك إشكالاً على دليل الحجّيّة، بل ينبغي أن يضمّ عدم معقوليّة اختصاص الحجّيّة بذلك إلى دليل الحجّيّة في هذا المورد، ويستفاد من ذلك أنّ موضوع الحجّيّة هو مطلق الإنذار لا خصوص الإنذار المطابق للواقع.