المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

490

تمّت دلالة الآية على الحجّيّة من سائر الجهات غير جهة مطابقة الخبر للواقع فنفس الحجّيّة تثبت مطابقة الخبر للواقع تعبّداً(1) ليس في محلّه، فإنّ المفروض أنّ ثبوت الحجّيّة متوقّف على شمول إطلاق الآية لفرض عدم العلم بالمطابقة للواقع، فلا يمكن تصحيح هذا الإطلاق على أساس الحجّيّة، فإنّه دور واضح(2).

ولنا مع الشيخ الأعظم(رحمه الله) كلامان:

الأوّل: كلام مبنائيّ، وهو: أنّ استحالة جعل الإنذار المطابق للواقع موضوعاً للحكم الظاهريّ الموجب للحجّيّة إنّما تتمّ بناءً على ما بنى عليه هو ومن تبعه: من كون الحكم الظاهريّ خطاباً مستقلاًّ في قبال الخطاب الواقعيّ، فيقال على هذا المبنى: لو جعل موضوع الحكم الظاهريّ الإنذار المطابق للواقع، فإن علم المكلّف بأنّ هذا الإنذار مطابق للواقع فقد وصل إليه الحكم الواقعيّ، ولا تصل النوبة إلى الحكم الظاهريّ، وإن لم يعلم المكلّف بذلك فكما لم يصله الحكم الواقعيّ كذلك لم يصله الحكم الظاهريّ لشكّه في موضوعه، فيلغو هذا الحكم الظاهريّ غير القابل للوصول.

 


(1) راجع فوائد الاُصول للعلاّمة الكاظميّ، ج 2، ص 67، وأجود التقريرات للسيّد الخوئيّ، ج 2، ص 112.

(2) أمّا ما جاء في أجود التقريرات: من قياس المقام بمثل ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُود﴾ حيث يورد على إثبات صحّة عقد مّا بإطلاقه: أنّ الموضوع لوجوب الوفاء هو العقد الصحيح لا غير، وما لم يحرز ذلك لا يمكن التمسّك به. ويجاب عليه بأنّ الصحّة إنّما تثبت بنفس الحكم بوجوب الوفاء لا في مرتبة سابقة عليه، فهو قياس مع الفارق، فإنّ الصحّة لم تؤخذ في موضوع وجوب الوفاء، بل وجب الوفاء بذات العقد، فكان هذا الوجوب دليلاً على الصحّة. أمّا في المقام فالواجب إنّما هو الإنذار بالحقّ، فيقال إذن: إنّ موضوع وجوب الحذر إنّما هو الإنذار بالحقّ.