المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

488

أنّه يفسد بذلك الوجه الثالث، وهو التمسّك بكون التحذّر غاية للإنذار الواجب. ونقول هنا: إنّه يفسد بذلك جميع الوجوه، فإنّ عدم تمسّكنا في باقي الوجوه بكون التحذّر غاية للإنذار لا يعني سقوطه عن الغائيّة، وإذا كان غاية للإنذار كما هو المستفاد من الآية الكريمة فقد ثبت تماميّة ملاكه قبل الإنذار، فلا تصل النوبة إلى إثبات حجّيّة الإنذار بأيّ وجه من الوجوه(1). وهذا نظير إشكالنا الذي أوردناه بلحاظ مادّة الإنذار. وكذلك الحال لو قلنا بإجمال التحذّر وتردّده بين التحذّر عن العقاب، أو مخالفة الواقع.

بقي الكلام فيما أفاده الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ في مقام الإشكال على الاستدلال بهذه الآية على حجّيّة الخبر، وعمدة الإشكالات المذكورة في كلماتهم ترجع إلى وجوه ثلاثة غير ما مضى منّا:

الوجه الأوّل: أنّ الآية الشريفة إنّما تدلّ على وجوب الحذر بنحو القضيّة المهملة، وليس لها إطلاق يشمل فرض عدم العلم؛ وذلك لأنّها إنّما وردت في مقام بيان وجوب النفر والتفقّه والإنذار، وليست في مقام البيان من ناحية وجوب الحذر حتّى يتمّ الإطلاق بالنسبة له.

وهذا الوجه لا يرجع إلى محصّل، فإنّه إن جعل إشكالاً على الوجه الأوّل من


(1) ويمكن أن يجعل هذا بضميمة ما سبق: من توقّف الوجه الأوّل على تفسير الحذر بالحذر عن العقاب، برهاناً على بطلان الاستدلال بالآية على حجّيّة الخبر بالوجه الأوّل، بأن يقال: إمّا أن يفرض أنّ المقصود بالحذر في الآية هو الحذر من العقاب، أو يفرض أنّ المقصود به الحذر من المخالفة، فعلى الأوّل تدلّ الآية على ثبوت ترقّب العقاب قبل الإنذار؛ لأنّ جعل شيء غاية لشيء ظاهر في ثبوت ملاكه في الرتبة السابقة على ذي الغاية، وهذا يعني عدم دلالة الآية على حجّيّة خبر المنذر، وعلى الثاني لا تكون مطلوبيّة الحذر مساوقة لوجوبه؛ لإمكان كونه مستحبّاً.