المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

487

ثبوت ملاك الحذر، وهو ترقّب العقاب في الرتبة السابقة على الإنذار، فإنّ جعل شيء غاية لشيء كقوله مثلاً: (توضّأ حتّى تصلّي) فيه دلالة على ثبوت ملاكه قبل ذي الغاية وبغضّ النظر عنه، وهذا يعني تماميّة الحجّة قبل الإنذار.

وأمّا على الفرض الثاني ـ أعني: كون المقصود التحذّر عن مخالفة الواقع وتفويت غرض المولى ـ فنقول: إنّ طلب التحذّر إمّا يكون في الحقيقة ذكراً لنفس الأحكام الواقعيّة، فكأنّه قال: (صلِّ، وزكِّ، وصم...)، أو هو بيان لوجوب التحذّر في مرحلة الامتثال، والمتعيّن هو الثاني؛ إذ معنى وجوب الحذر هو ثبوت حكم في المرتبة السابقة حتّى يتحذّر من مخالفته، وإلّا لم يكن موضوع للتحذّر. وهذا يناسب الاستدلال بالآية الكريمة بالوجه الثاني، والثالث، دون الوجه الأوّل؛ لأنّ الوجه الأوّل يعتمد على الملازمة بين مطلوبيّة الحذر ووجوبه، وعدم تعقّل الاستحباب، بينما من المعقول أن يفرض استحباب التحذّر عن مخالفة الواقع لدى الشكّ.

والمتحصّل ممّا ذكرناه: أنّه على الفرض الأوّل لا يتمّ الوجه الثالث، وعلى الفرض الثاني لا يتمّ الوجه الأوّل، وعلى كلا الفرضين يتمّ الوجه الثاني بغضّ النظر عن إشكالنا الماضي عليه.

وأمّا على الفرض الثالث ـ وهو فرض الإجمال والتردّد بين الفرضين الأوّلين ـ فلا يتمّ من الوجوه إلّا الوجه الذي يتمّ على كلا الفرضين، وهو الوجه الثاني؛ إذ بطلان أيّ وجه على أحد الفرضين يكفي لبطلانه على هذا الفرض المردّد بينهما؛ لأنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمات.

نعم، لا بأس بناءً على هذا الفرض بأن نقول بتماميّة أحد الوجهين الأوّل والثالث على الإجمال بحيث لولا الوجه الثاني لأمكننا الاكتفاء بذلك.

وأخيراً يجب أن نذكر: أنّه لو حملنا التحذّر على التحذّر عن العقاب فقد عرفت