المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

485

العقاب، واُخرى: يفرض ظهوره في التحذّر عن مخالفة الواقع وتفويت غرض المولى، وثالثة: يفرض إجماله وملائمته لكلا الأمرين:

أمّا على الفرض الأوّل ـ أعني: كون المقصود هو التحذّر عن العقاب ـ: فيتمّ الاستدلال بالآية على الحجّيّة بناءً على الوجهين الأوّلين من الوجوه الثلاثة المتقدّمة لكيفيّة الاستدلال بالآية على حجّيّة الخبر:

فعلى الوجه الأوّل ـ وهو كون مطلوبيّة الحذر المستفادة من قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون﴾ ملازمة لوجوبه ـ نقول: إنّه يوجد في بادئ النظر في قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون﴾ احتمالات خمسة:

الأوّل: أن يكون هذا حكماً مولويّاً بالتحذّر عن العقاب يُنشئ به الحجّيّة. وهذا غير معقول؛ إذ العقاب يكون في طول الحجّيّة لا العكس، ولازم هذا الوجه هو العكس؛ إذ لولا ثبوت العقاب في المرتبة السابقة لا يعقل الأمر بالتحذّر عنه.

الثاني: أن يكون حكماً مولويّاً متعلّقه خصوص التحذّر الذي يكون عقيباً للعلم بنحو يكون نفس تحصيل العلم مطلوباً؛ لكونه مقدّمة وجوديّة للمطلوب. وهذا خلاف الظاهر؛ لأنّ متعلّق الطلب إذا تعلّق بمادّة فظاهر الكلام كون تلك المادّة مقدّمة وجوبيّة لا داخلة في دائرة الطلب، فلو قال مثلاً: (صلّ في المسجد) لم يكن بناء المسجد داخلاً في دائرة الطلب.

الثالث: أن يكون إرشاداً للتخلّص من استحقاق العقاب الثابت بملاك حصول العلم من قول المنذر. وهذا أيضاً خلاف الظاهر؛ إذ يوجب التقييد بفرض حصول العلم مع أنّ الكلام مطلق.

الرابع: أن يكون إرشاداً إلى التخلّص من استحقاق العقاب الثابت بملاك حجّيّة قول المنذر. وهذا أيضاً لا ينسجم مع إطلاق الآية بعد فرض حملها على القضيّة الحقيقيّة؛ إذ مجرّد حجّيّة قول المنذر لا تكفي ملاكاً لاستحقاق العقاب، بل هو