المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

484

بقدرها، أي: أنّ المزاحمة إنّما تؤثّر في دائرة التزاحم لا في نطاق أوسع، وملاك الكلفة والمؤونة إنّما يزاحم سدّ باب عدم الحذر الناشئ من عدم إيجاب الحذر، فيرفع المولى يده عن سدّه، ولا يزاحم سدّ باب العدم الناشئ من عدم إيجاب الإنذار؛ إذ المكلف مع فرض سماع الإنذار وعدم وجوب الحذر عليه ما لم يحصل له العلم يكون بعد في سعة، فلا وجه لرفع اليد عن سدّ هذا الباب من العدم، وفائدته تظهر فيما لو اتّفق صدفة انسداد الباب الآخر بحصول العلم، وقد جعل الحكم بوجوب الإنذار شاملاً لفرض عدم حصول العلم من الإنذار حفاظاً على غرضه في صورة اشتباه المكلّف بالبيان الماضي في جوابنا على الوجه الثاني.

وخلاصة الكلام في المقام: أنّ روح وجود ذي الغاية دون الغاية عبارة عن أنّ الغاية لها اقتضاء الوجوب، وأنّ هذا الاقتضاء أثّر في سدّ باب عدمها الناشئ من عدم وجوب ذيها، ولكنّه لم يؤثّر في سدّ باب العدم الناشئ من عدم وجوبها لمزاحمة هذا السدّ بملاك آخر، وهذا أمر محتمل فيبطل به الاستدلال.

ولا يخفى أنّ هذا الوجه الثالث لو تمّ، فإنّما يتمّ بناءً على كون المراد بالحذر الحذر من المخالفة؛ إذ لو كان المراد به الحذر من العقاب لدلّ على ثبوت العقاب في المرتبة السابقة على الإنذار. إذن فلا يدلّ ذلك على منجّزيّة الإنذار؛ لأنّها ثابتة قبله، والوجه الأوّل يكون بعكس هذا الوجه، أي: إنّما يتمّ لو كان المراد بالحذر الحذر من العقاب، كي يصحّ ما يقال: من أنّ مطلوبيّة الحذر تساوق وجوبه، وأنّه لا معنى لاستحباب الحذر، أمّا لو كان المراد به الحذر من مخالفة الواقع وتفويت غرض المولى، فمن المعقول فرض كونه استحبابيّاً.

وتفصيل الكلام في محتملات الحذر في الآية، ومدى تأثيرها على الاستدلال بالآية على حجّيّة الخبر ما يلي:

إنّ التحذّر المذكور في الآية الشريفة تارةً: يفرض ظهوره في التحذّر عن