المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

482

والثالث: أن يكون العلم مقدّمة وجوديّة للحذر الذي هو محبوب ومطلوب بالفعل، وعليه يجب تحصيل العلم بقدر الإمكان. وهذا أيضاً خلاف الظاهر؛ لأنّه مهما تعلّق متعلّق التكليف بمادّة فظاهره كونها مقدّمة الوجوب، لا مقدّمة الوجود. فلو قيل مثلاً: (صلّ في المسجد) فهم منه وجوب الصلاة في المسجد المفروض وجوده، لا بناء المسجد لو لم يكن موجوداً والصلاة فيه.

وأمّا الوجه الثاني ـ وهو بيان أنّه لولا وجوب الحذر لَلَغى وجوب الإنذار، ووجوب الإنذار مطلق يشمل فرض عدم حصول العلم ـ: فيرد عليه: أنّه من المحتمل كون وجوب الحذر مختصّاً بفرض حصول العلم مع كون وجوب الإنذار مطلقاً لا لدعوى مطلوبيّة الإنذار في نفسه، كي يجاب على ذلك بأنّ الظاهر من إيجاب الإنذار هو كونه بداعي التحفّظ على الأحكام، لا بداعي مطلوبيّته نفسيّاً؛ بل لأنّ من الممكن أن يوجب المولى الإنذار على الإطلاق حتّى لا يفوت المطلوب في مورد كان يترتّب عليه العلم، وكان العبد يتخيّل أنّه لا يترتّب عليه العلم، وهذا احتياط من قبل المولى في توسعة دائرة الأمر، كي لا يفوت عليه المطلوب في موارد خطأ العبد واشتباهه في التمييز. وهو غير الأمر بالاحتياط الذي قد يوجّه إلى العبد للعمل به في ظرف الشكّ، فالأمر بالاحتياط لا يحفظ غرض المولى عند خطأ العبد وجزمه بالخلاف، بخلاف احتياط المولى بتوسعة دائرة الحكم الواقعيّ. فمثلاً قد يأمر المولى عبده بإنقاذ ابن المولى، وقد يأمره بالاحتياط بإنقاذ من شكّ في كونه ابناً للمولى وعدمه، ولكن لو اعتقد العبد خطأ بأنّ الغريق ليس ابن المولى، فهنا قد يفوت الغرض على المولى، فقد يسدّ المولى هذا الباب بأمر العبد لإنقاذ كلّ غريق رآه رغم أنّ المطلوب الأصليّ هو إنقاذ ابنه، فهنا قد وسّع المولى دائرة حكمه الواقعيّ لا لأجل جهله بموطن الغرض، بل لأجل جهل العبد الذي لم يمكن إعلامه بالحال، فكان لابدّ في علاج الموقف من توسعة