المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

477

 

2 ـ آية النفر:

الآية الثانية: آية النفر، وهي قوله تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون﴾(1). ووجه الاستدلال بها هو أن يقال: إنّه إن كان الحذر عند إنذار المنذر واجباً حتّى مع عدم حصول العلم من خبره، فخبره حجّة، والمقدّم يثبت بالآية الشريفة، فيثبت التالي وهو حجّيّة خبر الواحد. فهذا الاستدلال له ركنان:

الأوّل: دعوى الملازمة بين وجوب الحذر والحجّيّة. والدليل على ذلك هو: أنّه لو لم يكن خبر المنذر حجّة لما ترتّب عليه تنجّز الواقع، ولو لم يترتّب عليه تنجّز الواقع لما ترتّب عليه احتمال العقاب، ولو لم يترتّب عليه احتمال العقاب لما ترتّب عليه وجوب الحذر؛ إذ لا معنى للحذر عن العقاب مع عدم احتمال العقاب.

والثاني: دعوى دلالة الآية الشريفة على وجوب الحذر حتّى مع عدم العلم. وللاستدلال بالآية الشريفة على وجوب الحذر تقريبات ثلاثة:

الأوّل: أنّ الآية الشريفة دلّت على مطلوبيّة الحذر، ومطلوبيّة الحذر تلازم وجوبه؛ إذ لولا احتمال العقاب وترقّبه لا معنى للحذر ولمطلوبيّته واستحبابه، ومع احتمال العقاب وترقّبه يجب الحذر.

أمّا مطلوبيّة الحذر فتثبت بكلمة (لعلّ) الدالّة بحسب وضعها على إنشاء الترجّي. ومقتضى الظهور التصديقيّ وأصالة التطابق بين عالم الثبوت والإثبات أن يكون إنشاء الترجّي ناشئاً من داعي الترجّي، ولكن داعي الترجّي بالنسبة إليه تعالى مستحيل، فيحمل على داعي المطلوبيّة الذي هو أقرب الدواعي إلى داعي الترجّي.


(1) سورة التوبة، الآية: 122.