المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

471

عادةً تعلّق الشكّ أو الظنّ بالعلم الوجدانيّ. وأمّا العلم الاعتباريّ فمن المعقول تعلّق العلم والظنّ والشكّ به؛ إذ ليس العلم الاعتباريّ إلّا عبارة عن اعتبار الشارع لشكّ الشخص علماً، وذاك الشخص قد يعلم بذلك وقد يظنّ به أو يشكّ فيه، وليس العلم بالعلم بشيء في العلم الاعتباريّ علماً بذلك الشيء.

المقدّمة الثانية: أنّ جعل الحجّيّة في الأخبار مع الواسطة ـ بناءً على مبنى جعل العلم الاعتباريّ ـ لابدّ أن يتصوّر على أساس جعل العلم بالعلم، وتتكرّر كلمة العلم بحسب تكرّر الوسائط، فصفّار ـ مثلاً ـ حينما أخبر عن الإمام(عليه السلام) جعل الشارع شكّنا في قول الإمام علماً اعتباراً، ولكنّنا لم نكن مطّلعين على ذلك لعدم اطّلاعنا على خبر صفّار، ولمّا أخبر أحمد بن محمّد عن خبر صفّار، جعل الشارع شكّنا في علمنا بقول الإمام علماً اعتباراً، ولكنّنا أيضاً لم نكن مطّلعين على ذلك إلى أن أخبرنا الكلينيّ مباشرة ـ مثلاً ـ بخبر أحمد بن محمّد، فعلمنا وجداناً بعلمنا الاعتباريّ المتعلّق بعلمنا الاعتباريّ المتعلّق بقول الإمام. وقد عرفت أنّ العلم بالعلم بشيء ليس علماً بذلك الشيء في باب العلم الاعتباريّ، فنحن لسنا عالمين بقول الإمام والحكم الشرعيّ لا وجداناً ولا اعتباراً، فلابدّ لمثل المحقّق النائينيّ(قدس سره)أن يلتزم في مقام تصوير حجّة الخبر مع الواسطة بأنّ حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان موضوعه ليس هو مجرّد عدم العلم التكوينيّ أو الاعتباريّ بالحكم، بل يدخل في موضوعه أيضاً عدم العلم التكوينيّ بالعلم الاعتباريّ بالحكم، وكذلك عدم العلم التكوينيّ بالعلم الاعتباريّ بالعلم الاعتباريّ بالحكم وهكذا.

إذا عرفت هاتين المقدّمتين قلنا: إنّ خبر من يخبر عن الواسطة له كشفان: كشف قويّ عن إخبار الواسطة، وكشف عن كلام الإمام. فهنا نطرح سؤالاً عن أنّ جعل الحجّيّة لخبر الكلينيّ ـ مثلاً ـ هل هو باعتبار حيثيّة كشفه عن قول الإمام،