المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

467

الحكم بحسب عالم الجعل يعرض على موضوعه مرّة واحدة، والملحوظ في عالم الجعل هو طبيعة الأثر المغاير أو المقدّم والمؤخّر. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه كلام المحقّق الخراسانيّ(قدس سره).

ويرد عليه: أنّ مصبّ الإشكال ليس هو عالم الجعل، ولا مجال فيه للإشكال سواء فرضناه منصبّاً على طبيعيّ الأثر، أو على الأفراد. وإنّما مصبّ الإشكال هو عالم الفعليّة بافتراض أنّ وحدة الجعل توجب في عالم الفعليّة انطباق هذا الحكم الواحد على نفسه؛ لأنّ فعليّة الحكم بأيّ معنى تفسّر ـ على خلاف في تفسيره بيننا وبين الأصحاب ـ تعني انطباق الحكم بمعنى من معاني الانطباق على فرد الموضوع الذي صار فعليّاً، وقد فرضنا أنّ الجاعل جعل حكماً واحداً، فحينما يصبح هذا الحكم بنفسه فرداً من أفراد الموضوع يلزم اتّحاد الحكم والموضوع، أو المنطبق والمنطبق عليه.

أمّا في عالم الجعل ـ وبغضّ النظر عن مرحلة الفعليّة ـ فلا مجال للإشكال أصلاً بجميع أنحاء صور الجعل. وتوضيح المقصود: أنّ جعل الحكم على شيء يتصوّر على أنحاء ثلاثة:

الأوّل: جعله على الطبيعة كقوله: (أكرم العالم)، وإن شئت فسمّه بالجعل على نحو الإطلاق. وهذا لا يستلزم في المقام مع غضّ النظر عن فعليّة الحكم أيّ إشكال، وذلك لما قاله المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله): من أنّ طبيعيّ الموضوع غير فرد الموضوع، إذن لم يلزم اتّحاد الحكم والموضوع.

والثاني: جعله على الأفراد، لكن لا بمعنى جعله على نفس الأفراد، بل بمعنى جعله على عنوان الأفراد، أعني: العنوان الذي يطلق على الأفراد بما هي متكثّرة، ويلحظ به الأفراد بعنوان وحدانيّ كعنوان (كلّ عالم) في قولنا: (أكرم كلّ عالم)، وهذا العنوان يفترق عن العنوان السابق، فإنّ العنوان السابق لم تكن تلحظ فيه