المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

466

مخالفة نقل ذاك الشخص الآخر للواقع، فالقيمة الاحتماليّة لموافقة الخبر للواقع قلّت لا محالة. وهذا الكلام يتكرّر كلّما ازدادت الوسائط، ويتناسب الضعف طرديّاً مع كثرة الوسائط، فإذا كان وجود الواسطة في الخبر مؤثّراً في ضعف قيمته فلا محالة يكون احتمال الفرق موجوداً، فحجّيّة الخبر بلا واسطة لا تستلزم حجّيّة الخبر مع الواسطة.

نعم، احتمال الفرق إنّما يرد بلحاظ الأدلّة اللفظيّة بحجّيّة الخبر، أمّا بلحاظ الأدلّة اللبّيّة فلا يوجد احتمال الفرق. ولكن الإشكال من أوّل الأمر لم يكن وارداً بلحاظ الأدلّة اللبّيّة، بل كان مختصّاً بالأدلّة اللفظيّة كما مضى بيانه.

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من أنّ متعلّق الحكم هو طبيعة الأثر لا خصوص أثر الحجّيّة كي يلزم اتّحاد الحكم والموضوع. ولا يقصد(رحمه الله)بكون القضيّة طبيعيّة، المعنى الذي يقصد في قولهم: (إنّ الإنسان نوع قضيّة طبيعيّة)، أي: أنّه لم تلحظ فيها جهة انطباقها على الأفراد، فالحكم فيها لا يسري إلى الأفراد، بل يقف على الطبيعة في عالم تباينها مع الأفراد وعدم انطباقها عليها، وهو عالم الذهن مثلاً. وإنّما يقصد(رحمه الله) بكون الحكم على الطبيعة: أنّ الحكم لم ينصب في القضيّة ابتداءً على الأفراد، بل انصبّ على الطبيعة وسرى إلى الأفراد باعتبار انطباقها عليها، فإذا انصبّ الحكم ابتداءً على طبيعة الأثر المغايرة لأفراده ـ وإن كانت تنطبق عليها ـ فهذا كاف في المغايرة التي لابدّ منها بين الموضوع والحكم، فالحجّيّة فرد من أفراد الأثر، وفي نفس الوقت الحجّيّة حكم ولكن ليس موضوع هذا الحكم نفس الحجّيّة كي يلزم اتّحاد الحكم والموضوع، وإنّما موضوعه طبيعيّ الأثر وهو غير الحجّيّة، وهو وإن كان منطبقاً على الحجّيّة، وكان هذا الانطباق موجباً لسريان الحكم إلى هذا الفرد، إلّا أنّ سريان الحكم إلى الأفراد لا يعني جعلاً جديداً للحكم وعروضاً للحكم على الموضوع مرّة ثانية، وإنّما