المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

464

ولو سلّمنا كفاية إخباره عن العلم المعلّق بأحد الشكلين بدعوى أنّ المعلّق عليه ثابت لدينا فيثبت لنا بذلك تحقّق العلم للكلينيّ، قلنا: إنّ هذا لا يتمّ فيما لو كانت وثاقة الصفّار أو حجّيّة خبر الثقة ثابتة لنا بالاستصحاب؛ لأنّ هذا الاستصحاب لا يثبت لنا علم الكلينيّ بقول الإمام؛ لعدم حجّيّة مثبتات الاُصول(1)، وهذا الاستصحاب لم يكن مجعولاً بشأن الكلينيّ؛ لأنّه إنّما يكون مجعولاً بشأن من له يقين سابق وشكّ لاحق، والمفروض أنّ الكلينيّ قاطع مثلاً بعدم وثاقة صفّار، أو


مشروطاً أو بنحو القضيّة الشرطيّة جائز رغم أنّه هو روح الإخبار المشروط بقول الإمام؛ وذلك لعدم ورود إشكال الحاجة إلى الحكومة.

والواقع: أنّ الوصول إلى هذه النتيجة الغريبة ـ وهي عدم جواز الإخبار بشيء مع جواز ما هو روحه من الإخبار بالعلم به ـ هو ضريبة الإسراف في نفي حكومة دليل الحجّيّة غير الواصل على دليل حرمة القول بغير علم.

والذي ينبغي في المقام هو: أن يكون معنى عدم حكومة دليل الحجّيّة غير الواصل على دليل حرمة القول بغير العلم هو عدم حكومته عليه في تجويز الإخبار المطلق، فلو أخبر بشكل مطلق كان عاصياً رغم ثبوت دليل الحجّيّة في علم الله، لا عدم حكومته عليه في تجويز الإخبار المشروط.

(1) لو قلنا بحجّيّة الاستصحاب التعليقيّ في مثل المقام لأمكن القول بأنّ خبر الكلينيّ لو كان في زمان وثاقة صفّار، أو حجّيّة خبر الثقة لكان الكلينيّ عالماً، والآن كما كان، بل بالنسبة لاستصحاب الوثاقة لسنا بحاجة إلى الاستصحاب التعليقيّ، كما أنّ الأصل ليس مثبتاً، فإنّ ثبوت العلم للكلينيّ أثر شرعيّ لوثاقة الراوي؛ إذ الحكم المجعول في باب خبر الثقة هو العلم والطريقيّة بناءً على مبنى جعل العلم والطريقيّة، وهذا الحكم موضوعه مركّب من الخبر ووثاقة المخبر، فاستصحاب وثاقة المخبر الذي أخبر الكلينيّ يثبت لا محالة علم الكلينيّ من دون ابتلاء بالأصل المثبت، ولا بالاستصحاب التعليقيّ.