المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

46


مطلق الوجود إذن كلّ فرد من الأفراد يكون مشتملاً على المصلحة، وإذا كانت في الجامع على شكل صرف الوجود، فكلّ فرد مشتمل على المصلحة على تقدير عدم باقي الأفراد، وهذا يؤدّي إلى سريان الحبّ من الجامع إلى كلّ حصّة على تقدير عدم باقي الحصص (وهذا القيد ـ أعني: قيد على تقدير ـ قيد للمحبوب لا الحبّ، وإن شئت فعبّر عنه بحبّ القضيّة الشرطيّة) وقد مضى من اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث اجتماع الأمر والنهي الاعتراف بسريان الحبّ من الجامع إلى الحصّة.

الدعوى الثانية: دعوى أنّ الحبّ إنّما يسري من الجامع إلى واقع الحصّة لا بواسطة مراتب الانكشاف.

وهذه أيضاً واضحة البطلان، بداهة أنّ من أحبّ إكرام الصديق ثُمّ اعتقد في زيد خطأً أنّه عدوّه، بينما كان في الواقع من أشدّ المحبّين له، لا يحبّ إكرامه، ولا تكون صورة ـ إكرام زيد ـ الذي هو حصّة من إكرام الصديق محبوبة له، وهذا يعني أنّ الملاك في حبّ الصورة إنّما هو مطابقة الصورة لذي الصورة وفناؤها بالمعنى المعقول من الفناء في رؤية المحبّ لا في الواقع، والبرهان على ذلك هو: أنّ الفناء بالمعنى المعقول ـ وهو النظر إلى الشيء بالحمل الأوّليّ لا بالحمل الشائع ـ إنّما يتمّ بلحاظ رؤية المحبّ ونظره، أمّا الفناء الواقعيّ فلا معنى له أصلاً.

هذا، والسريان بواسطة الانكشاف في الأعيان الخارجيّة ـ كسريان حبّ كلّيّ الإنسان الكريم إلى زيد الذي اعتقدنا كرمه ـ لئن كان أكثر وجدانيّة من السريان في باب الأفعال، فلعلّ السرّ في ذلك أنّه في باب الأعيان لا يوجد إلّا الحبّ دون المحرّكيّة، ولكن في باب الأفعال الحبّ سيستتبع التحريك، فقد يتوهّم أنّ حبّ الجامع إنّما ولَّد التحريك نحو الحصّة من دون سريان الحبّ إلى الحصّة، والحاصل أنّه قد يقع الاشتباه بين الحبّ